مضيفة مزيداً من التساؤلات حول الاستراتيجية الأمريكية لإدارة الصراع في العراق وسوريا، كشفت صحيفة “ذا ديلي بيست” الأمريكية أن الفصائل المسلحة العراقية التي حاربت في السابق تنظيم “الدولة” بدعم من الولايات المتحدة، تقاتل اليوم إلى جانب جيش الأسد في سوريا والقوات الروسية والإيرانية في حلب بمواجهة فصائل المعارضة السورية المدعومة من الولايات المتحدة.
فبحسب ما صرّح مسؤولون أمريكيون أمنيون رفيعو المستوى للصحيفة الأمريكية، هناك مليشيا شيعية واحدة على الأقل دربتها الولايات المتحدة سابقاً، وتدعى “فيلق بدر”، تحارب الآن جنوبي محافظة حلب إلى جانب مليشيات شيعية عراقية أخرى، بالإضافة إلى قوات “حزب الله”. وأن عمليات هذه المليشيات تتم بالدعم الجوي الروسي الذي يشن غارات على حلب لتسهيل تقدمهم، إلى جانب دعم المليشيات الإيرانية التي تقاتل بجانب جيش الأسد.
وأضافت الصحيفة أنه وفقاً لتقارير نشرت على صفحات التواصل الاجتماعي، فإن المليشيات العراقية المقاتلة في سوريا تستخدم في معاركها دبابات من صنع أمريكي، وأسلحة صغيرة أخرى قامت بتصنيعها في الجانب العراقي من الحدود مع سوريا.
وهنا يذكر أن وجود المليشيات الشيعية المسلحة وقتالها إلى جانب الأسد هو تذكير إضافي بشبكة التحالفات المعقدة التي تشكّلها الولايات المتحدة ضمن خطتها لمحاربة تنظيم “الدولة”، والذي في الغالب يظهر أن الإدارة الأمريكية تتبع سياسات متناقضة في إدارة الحرب. ففي العراق كانت المليشيات الشيعية تحارب مع الحكومة العراقية المدعومة من الولايات المتحدة، لكنها في سوريا تقاتل فصائل المعارضة السورية التي تضم داخلها قوات مسلحة من قبل وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA).
وفي هذا السياق أكدت الصحيفة أن الإدارة الأمريكية مدركة لهذا المأزق، فبحسب تصريح مسؤول أمريكي للصحيفة قال: “فيلق بدر الفاعل في سوريا هو أحد مشاكلنا”. وهنا يذكر أن دور المليشيات الشيعية يظل مثيراً للجدل؛ ففيلق بدر على سبيل المثال مدعوم وممول من إيران، وقد تم تشكيله في الأساس كأحد فروع الجيش الإيراني. لكن دوره في سوريا هو جزء من التحالف الإيراني الروسي الداعم للأسد، وكان له دور فعّال في معركة حلب.
وفي سياق متصل يرى المسؤولون الأمريكيون أنه دون دعم المليشيات العراقية، لن يتمكن جيش الأسد من السيطرة على مناطق وحده، فهو ضعيف جداً أمام هذه المهمة. وهنا يذكر أنه حتى وإن تمكن جيش الأسد من السيطرة على حلب وتوقفت “الأعمال العدائية” التي سيتفق على تعريفها كل من الولايات المتحدة وروسيا، فاستمرار نظام الأسد في السيطرة على المدينة وعلى الدولة عامة سيكون مرهقاً جداً، وسيضطره غالباً إلى الاعتماد بشكل لا نهائي على الدعم الروسي والإيراني، وهو سيناريو غير محبذ لدولتين تعانيان من اقتصاد هش.
وبحسب الصحيفة، فإن الصفقة التي عرضتها الولايات المتحدة لوقف ما سميت بـ”الأعمال العدائية في سوريا” هي محاولة لإنهاء “التحالفات غير المريحة” التي شكلتها الولايات المتحدة مع المليشيات الشيعية التي خدمت مصالحها في السابق في العراق، وأصبحت تقاتل اليوم مصالح الولايات المتحدة، وعليه، ترى الإدارة الأمريكية أن وقف القتال في هذه المرحلة سيمنع قوات المعارضة من تكبد مزيد من الخسائر.
الخليج أونلاين