قالت صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” الأمريكية، اليوم إن زيادة مفاجئة في التنسيق بين خصوم بشار الأسد الإقليميين، وعلامات على الشقاق داخل صفوفه تثير تساؤلاً من جديد حول ما إذا كان سيضطر إلى تقديم تنازلات للبقاء في السلطة.
وأشارت الصحيفة إلى أن نظام الأسد، وبعد تشبثه بالسلطة أربع سنوات في ظل انتفاضة مسلحة، يواجه سلسلة من الانتكاسات في أرض المعركة، والتي يمكن أن تفرض ضغوطاً جديدة على تماسكه الداخلي، بالإضافة إلى أن سلسلة من التقارير الأخيرة تحدثت عن عمليات قتل واختفاء مريبة تشير إلى وجود توترات محتملة تتطور داخل نظامه.
ويقول بعض المراقبين إنه لو استمر اتجاه نجاحات المعارضة بالتصاعد، مما يفرض ضغوطاً أكبر على جيش النظام المنهك بالفعل، فإن تلك التوترات الداخلية التي يجرى الحديث عنها ربما تضغط على النظام ليدرس في النهاية التسوية التفاوضية.
وتنقل الصحيفة عن “روبرت فورد”، الخبير في معهد الشرق الأوسط في واشنطن والسفير الأمريكي السابق في سورية، أن الحسابات تتعلق بخفض الخسائر والتمسك بمنطقة رئيسية تدعم النظام. وأضاف أن تطور الأحداث سيدفع في غضون أشهر بعناصر مختلفة داخل النظام إلى البدء في التفكير فيما إذا كان وجودها على الأرض معقولاً أو أن عليها البدء في التفاوض على اتفاق ما في صالح النظام، بينما يبقى لديهم بعض المزايا النسبية فيما يتعلق بالسيطرة على بعض المناطق المأهولة بالسكان والقوة الجوية.
وتابعت الصحيفة قائلة إنه في الشهر الماضي، فازت الفصائل المعارضة بسلسلة من الانتصارات، واستولى على بلدة بصرى الشام القديمة في جنوب سورية، وحصلوا على إدلب في الشمال، ثم استولوا على معبر نصيب الحدودي، وهو آخر المعابر التي لا تزال تعمل بين سورية والأردن. وفضلاً عن ذلك، فإن الهجمات التي أطلقها النظام في المحافظات الجنوبية درعا والقنيطرة وحلب لم تنجح.
ونقلت “ساينس مونيتور” عن دبلوماسي في الأمم المتحدة قوله إن الأسابيع الأخيرة القليلة كانت صعبة عليهم، ومن الصعب تحديد كيفية ردهم في الأشهر القادمة، إلا أن العقلية المتشددة لن تتغير.
ومع ذلك فإن الهزائم التي تعرض لها جيش النظام تتزامن مع تناحر داخلي داخل دوائر الأسد، ففي الشهر الماضي، أُطلق النار على محمد الأسد، قريب بشار الأسد، بسبب خلاف حول المال والنفوذ كما تردد، وفى الأسبوع الماضي، اعتقل قريب آخر للأسد، وهو منذر الأسد بناء على أوامر مباشرة من الرئيس لقيامه بنشاطات غير شرعية، ويبقى غير واضح ما إذا كان هذا يلمح إلى ممارسات إجرامية معتادة أو التآمر ضد النظام.
وتردد في سبتمبر/ أيلول الماضي أن حافظ مخلوف، ابن خال الرئيس وأحد المتشددين الذي ترأس مديرية أمن دمشق القوية، قد طرد من منصبه، ثم غادر البلاد وتوجه إلى بلاروسيا أو روسيا حيث يعيش والده، وذكرت وسائل الإعلام السورية الرسمية أن مخلوف كان مجرد تغيير شخصي روتيني.
ويقول المحللون والدبلوماسيون الإقليميون إن تراجع النظام في إدلب والجنوب يرجع جزئياً إلى أن أعداءه الإقليميين، ولاسيما السعودية وتركيا وقطر والأردن، يتفقون على الحاجة لتوحيد فصائل المعارضة للإطاحة بالأسد.
فيما يقول دبلوماسي غربي مقيم بالشرق الأوسط: “في السابق كان هناك أربع قوى تحارب بعضها بعضاً، وهي جبهة النصرة وداعش (ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية) والمعارضة المعتدلة والنظام. والآن، يواجه الجميع النظام، وقد غير هذا الوضع برمته، وكان مفاجئاً بشدة”.
يذكر أن مصادر إعلامية نقلت أن الأسد لم يعد يسيطر سوى على 25 في المئة من مساحة سورية، وتبدو النسبة أكبر لأن المدن الكبرى معه، وذلك بحسب معلومات أميركية موثوق بها على زعم تلك المصادر.
المصدر:
كريستيان ساينس مونيتور