تناولت صحف أميركية وفرنسية وبريطانية التدخل العسكري الروسي في سوريا، وتساءل بعضها عن سر عودة روسيا للشرق الأوسط، وأشارت أخرى إلى أن الدعم الروسي للنظام السوري يتسبب بزعزعة استقرار المنطقة.
فقد أشارت مجلة نيوزويك الأميركية إلى أن روسيا تشن حملة جوية لا هوادة فيها على سوريا، وأنها بدأت باستخدام قاذفات إستراتيجية من طراز “في يو95” بعيدة المدى المجهزة لحمل رؤوس نووية، وذلك لإطلاق صواريخ كروز المتطورة من مسافات بعيدة في بحر قزوين على أهداف في سوريا.
وأضافت أن روسيا قصفت أهدافا في سوريا تتمثل في مئات الشاحنات التي تحمل نفطا والتابعة إلى تنظيم الدولة ، وذلك بالتنسيق المبدئي مع الولايات المتحدة وفرنسا.
وأشارت إلى أن هجمات باريس وحادثة إسقاط طائرة الركاب الروسية فوق جزيرة سيناء التي تبناهما تنظيم الدولة ساهمتا في اتفاق أعداء الأمس في الحرب العالمية الثانية، وذلك رغم أن محادثات بينهم لنحو شهرين باءت بالفشل.
قواعد اللعبة
وأوضحت بالقول إنه يبدو أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يعترف بأن التدخل الروسي العسكري والدبلوماسي في سوريا صار يمثل تغييرا لقواعد اللعبة في المنطقة، وأشارت إلى أن كيري تحدث عن تبادل للمعلومات عالي المستوى يجري بين روسيا والغرب.
وأضافت أن كيري يأمل في التوصل إلى هدنة بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة في غضون الأسابيع القليلة القادمة. وأشارت إلى أن كيري صرح في باريس بأن روسيا وإيران جاهزتان لوقف إطلاق النار وأن الولايات المتحدة جاهزة لوقف إطلاق النار في سوريا.
وأضافت أن الرئيس بوتين سرعان ما تخلص من حالة العزلة الدولية التي كانت مفروضة عليه وانتقل إلى دور الوسيط الدولي وصار يعتبر وسيطا لا يستغنى عنه في قضايا الشرق الأوسط، وأن هناك رغبة متزايدة لدى بعض القوى الغربية للتغاضي عن “خطاياه” السابقة، وذلك في سبيل المضي قُدما نحو إلحاق الهزمة بتنظيم الدولة.
وقالت نيوزويك إن التدخل العسكري الروسي في سوريا أسفر لحد الآن عن وقف تقهقر قوات الأسد ورفع معنويات النظام السوري، وأسهم في محاولة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وتسبب في إقدام تنظيم الدولة على إسقاط طائرة الركاب الروسية التي راح ضحيتها 224 شخصا.
دعم للمعارضة
وأضافت نيوزويك أن مراقبين يرون أنه ليس بمقدور قوات الأسد المنهكة استعادة السيطرة على ما فقدته من المناطق، وذلك رغم الدعم الجوي الروسي والزخم الإيراني على الأرض المتمثل في جنود وكبار ضباط الحرس الثوري الإيراني المنتشرين في سوريا.
وأشارت إلى أنه في حال تقدم قوات الأسد بفعل الدور الذي يلعبه الطيران الحربي الروسي، فإن المعارضة سرعان ما تتلقى دعما من جانب القوات الجوية التركية والقطرية، وأنه في حال تقدم قوات الأسد فإن المعارضة ستحصل على أسلحة مضادة للطائرات متطورة مثل صواريخ ستنغر وأفينجر من السعودية والتي اشترتها من الولايات المتحدة.
من جانبها، تحدثت صحيفة لوموند الفرنسية عن عودة روسيا إلى الشرق الأوسط وعن مدى نجاح رهان الرئيس بوتين على سوريا، وقالت إن بوتين يخاطر بشكل كبير في دعمه العسكري للنظام السوري، وأضافت أن بوتين يتسبب في زعزعة استقرار الشرق الأوسط برمته وفي تزايد تهديدات تنظيم الدولة ضد روسيا نفسها.
وأضافت أن سوريا تمثل بالنسبة إلى روسيا رمزا للأمجاد القيصرية القديمة، وأن موسكو تحاول بسط وتقوية نفوذها في الشرق الأوسط بغطاءات من المجتمع والقانون الدولي. ولكنها تراهن على نظام لا يحظى بشعبية بين العرب ممثلا بنظام الأسد.
وأشارت لوموند إلى أن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة بدأ القصف منذ العام الماضي، ولكن دون جدوى، وعليه فإن القصف الروسي لن يؤدي إلى حل للأزمة السورية المتفاقمة، وذلك لأنه لا حل عسكريا للحرب المستعرة في سوريا منذ نحو خمس سنوات.
وفي السياق ذاته، أشارت صحيفة ذي غارديان إلى الحرب الكلامية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي بوتين عقب أزمة إسقاط أنقرة للمقاتلة الروسية من طراز سوخوي 24 لاختراقها الأجواء التركية، وإلى التصعيد الراهن بين البلدين، وأشارت إلى تحذير أردوغان روسيا إزاء اللعب بالنار.
المصدر: الجزيرة – صحف عالمية