هؤلاء الجنرلات أدّوا أدواراً رئيسية في إعادة تطبيع العلاقات التركية الروسية قبل أيام، مع أركان النظام في دمشق ورئيسه بشار الأسد ووزير خارجيته وليد المعلم ونائبه فيصل المقداد وأبرز قادته الأمنيين، علي المملوك وديب زيتون والأمين العام المساعد لحزب البعث، عبد الله الأحمر.
وقد تكفل رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدرم، اليوم الأربعاء، بمهمة الإفصاح بوضوح عن احتمال عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق تحت شعار “مكافحة الإرهاب” الذي تربطه تركيا الرسمية بكل من تنظيمي “داعش” وحزب “العمال” الكردستاني وفرعه السوري، الاتحاد الديمقراطي.
وقال يلدرم “نعتزم توسيع صداقاتنا في الداخل والخارج، ولقد بدأنا في فعل ذلك خارجيا، حيث أعدنا علاقاتنا مع إسرائيل وروسيا إلى طبيعتها، ومتأكد من عودتها مع سورية أيضاً حتى يتسنى لنا النجاح في مكافحة الإرهاب”.
ومن هذه البوابة تحديداً، نشرت “فورين بوليسي” أجواء اجتماعات عديدة عقدها قادة حزب “الوطن” وهو حزب قومي يساري صغير في تركيا حالياً، ينضوي فيه عدد كبير من جنرالات الجيش المتقاعدين.
وقام اثنان من قادة الحزب، هما دوغو بيرينشيك وإسماعيل حقي بيكين، في الفترة الأخيرة، بعقد لقاءات بصفتهما الشخصية في دمشق مع الأسد ومملوك والمعلم، بالإضافة إلى اجتماعات رفيعة المستوى مع مسؤولين إيرانيين وروس وصينيين، ونقلوا حصيلتها إلى القيادة التركية التي اعترف مسؤولون فيها لـ”فورين بوليسي” بصحة حصول ذلك “على قاعدة أن وزارة الخارجية التركية تستمع لكل الناس”.
ويقول كل من بيرينشيك وبيكين إن اللقاءات التي عقداها مع المسؤولين السوريين تنطلق من ضرورة المصالحة السورية التركية، انطلاقاً من “الخطر الكردي” وأزمة اللاجئين السوريين وتداعيات التدخل الروسي في سورية.
وبدأت لقاءات الرجلين مع أركان النظام السوري في فبراير/شباط 2015، واستمرت حتى مايو/ أيار الماضي على قاعدة “الحاجة التركية السورية المشتركة لمحاربة الانفصاليين الأكراد والإرهاب جنباً إلى جنب”، وفق ما يقولانه للمجلة الأميركية.
وينقل بيكين أن في الجلسات مع علي مملوك، كان الأخير ينتقل إلى غرفة مجاورة للاتصال بالأسد واستشارته.ويقول بيكين إن محور اللقاءات كان: “كيف يمكن تمهيد الطريق أمام سورية وتركيا لاستئناف علاقاتهما الدبلوماسية وتعاونهما السياسي”.
ويعترف مصدر في وزارة الخارجية التركية لـ”فورين بوليسي” بأنه بالفعل التقى بيكين الذي أوجز له حصيلة اللقاءات “مثلما نستمع لآراء ملايين الأشخاص”.
غير أن كلا من بيرينشيك وبيكين يعربان عن تفاؤلهما بأن التطورات المتصلة بتمدد القوات الكردية على الحدود من شأنه أن يقنع المسؤولين الأتراك بتغيير موقفهم من النظام السوري.
من هنا، ينقل السياسيان التركيان عن الأسد قوله إن “حزب الاتحاد الديمقراطي تنظيم انفصالي عميل؛ وهو مع حزب العمال الكردستاني ورقتان أميركيتان”.
لكن التفصيل الذي قد يشكل النقطة الأهم في قصة “فورين بوليسي”، هو أن كلاً من بيرينشيك وبيكين أديا دوراً رئيساً في التقارب التركي الروسي أخيراً.
وعن هذا الموضوع، يقول بيكين إن “فريقاً من رجال الأعمال المقربين من (الرئيس رجب طيب) أردوغان جعلنا أقرب من تحسين العلاقات مع روسيا، فزرنا روسيا في ديسمبر/ كانون الأول (الماضي)”، حيث تم تعريفهما على المفكر السياسي الروسي ألكسندر دوغين المقرب جداً من الرئيس فلاديمير بوتين، حتى تكررت مساهمات الرجلين مع الأوساط الروسية، وانتهت إلى الاعتذار التركي والمصالحة الشاملة التي “أدينا فيها دوراً كبيراً”، وفق ما يقولانه لـ”فورين بوليسي”.
العربي الجديد