ما إن غادر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت واضعاً اللمسات الاخيرة على الملف الحكومي، حتى وصل مساعد وزير الخارجية الأمريكي ديفيد شينكر الذي لم ترشح عنه أي بوادر عن لقاءات ستجمعه بالرؤساء الثلاثة وأهل السلطة الذين وضعهم ماكرون أمام مسؤولياتهم ملوّحاً لهم بالعقوبات إن لم ينفّذوا الإصلاحات خلال 3 أشهر.
ومن شأن زيارة شينكر التي تستمر لغاية الجمعة أن تلقي الضوء على الموقف الأمريكي من التسوية الحكومية التي رعاها الرئيس الفرنسي، علماً أن موقف واشنطن متمايز عن موقف باريس من موضوع حزب الله. وأفيد بأن شينكر سيلتقي نواباً مستقيلين في دارة رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل إضافة إلى شخصيات شيعية معارضة لحزب الله. وتتزامن زيارة شينكر مع مواقف حازمة لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، دعا فيها إلى “نزع سلاح حزب الله”، معتبراً “أن استمرار الأمور في لبنان على ما هي الآن عليه الآن أمر غير مقبول”.
ولفت بومبيو بعد ساعات على مغادرة الرئيس الفرنسي إلى أن “الفرنسيين وكل العالم يرى الخطر. والخطر واضح وهو أنظمة الصواريخ والتحكّم التي يحتفظ بها حزب الله في الجنوب”، مضيفاً “الكل يعرف التاريخ في لبنان. الجميع تخلّوا عن سلاحهم باستثناء حزب الله، وهذا هو التحدّي الموجود”. وقال “الناس الذين هم جزء من ذلك أو الذين يتناغمون مع حزب الله، يجب أن يعرفوا أن هذا ليس ما يريده الشعب اللبناني، وليس من متطلبات الوضع الأمني الإقليمي”.
وأكد بومبيو” أن الولايات المتحدة على تواصل مستمر مع الفرنسيين بشأن الأوضاع في لبنان، ونحن نتشاطر والفرنسيين نفس الهدف. يجب أن يكون هناك حكومة تقوم بإصلاحات كبيرة وتغيير حقيقي كما يطالب الشعب اللبناني”.
وكان الرئيس المكلّف مصطفى أديب أنجز، الأربعاء، استشاراته مع الكتل النيابية التي وُصفت بالشكلية، تمهيداً للبدء عملياً بتأليف حكومة اختصاصيين خلال 15 يوماً تنكبّ على معالجة التحدّيات وتستعيد الثقة.
وأظهرت نتيجة الاستشارات مرونة ظاهرة لدى رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الذي لم يتمسّك بوزارة الطاقة التي بقيت مع تياره أكثر من 10 سنوات والتي بسببها غرق لبنان في عجز مالي وبخسائر قُدّرت ب 40 مليار دولار. ولم يمانع باسيل بإجراء مداورة في الوزارات اذا وافق الجميع عليها. فيما لم يُعرَف موقف الثنائي الشيعي من وزارة المال التي بقيت مع الرئيس نبيه بري على مدى 3 حكومات متتالية. وقال عضو “كتلة التنمية والتحرير” النائب أيوب حميّد إن التمسّك بالتوقيع الشيعي في وزارة المال “أمر مبدئي”.
أما حزب الله فطالب “بحكومة منتجة ومتماكسة تدرك الواقع السياسي الذي تتحرّك فيه وحاجات الشعب اللبناني وما يستفزّه وما يطمئنه”.
وعلى خط “تيار المستقبل” فإن الرئيس سعد الحريري حذّر رؤساء الأحزاب والكتل النيابية خلال اللقاء مع الرئيس الفرنسي حول الطاولة الواحدة “من أي عرقلة أو أي تأجيل في تشكيل الحكومة، أو أي محاولات سياسية لفرض اشخاص فيها، أو حتى أي عرقلة لبرنامج الاصلاحات بعد تشكيلها”. وخاطب الموجودين بالقول، بحسب معلومات صحافية، “التسمية التي حصلت، لم يكن أي شيء يجبرني عليها، لا سياسياً ولا سنياً. أنا ضحّيت بالكثير، وليكن واضحاً أنها المرة الأخيرة التي أضحّي فيها. وإذا كان هناك من لا يريد مواكبة هذه الفرصة، فهي ستكون آخر مرة، وعندها لا يلوم إلا نفسه، لأن الناس هذه المرة ستأكلنا أكلاً”.
نقلا عن القدس العربي