يواصل زعماء سياسيون وقادة مليشيات شيعية في العراق هجومهم الحاد على تركيا، فيما أعلنت الجامعة العربية موقفها الصريح ضد تركيا، فقد تعهدت بالوقت ذاته بتكثيف الجهود للضغط عليها.
وتستعد قوات عراقية لشن “هجوم نهائي حاسم لتحرير الموصل”، ثاني كبريات مدن العراق، من قبضة تنظيم الدولة الذي فرض سيطرته عليها عام 2014، فيما قرر برلمان تركيا، مطلع الشهر الحالي، تمديد مهمة قواته العسكرية في سوريا والعراق لعام واحد.
هجوم شيعي حاد
وفي متابعة أجرتها “عربي21” لآخر تطورات التصعيد بين تركيا والعراق، فقد حذر زعيم التحالف الوطني (أكبر كتلة سياسية شيعية) السبت، من أن “التصعيد التركي وتصريحات مسؤوليهم لا يمكن أن يصبر عليها العراقيون فلصبرهم حدود”.
وقال عمار الحكيم إن “من ينظر إلى محافظة نينوى أنها سنية سيجد المعارضة من السنة قبل الشيعة”، مشددا على أن “من يعتقد أن العراق ضعيف فهو مشتبه ومخطئ فالعراق قوي بمكوناته وبرجاله وسيدافعون عن سيادته وأمنه”.
وأضاف: “لا نتمنى أن نجد تركيا في هذا الموقف الذي أثار مشاعر العراقيين، وندعوهم لإعادة النظر في مواقفهم وسحب قواتهم فورا”، مؤكدا أن “العراق وحده من يحدد من يشترك في معركة الموصل”.
وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم أعلن، الخميس، أن وجود القوات التركية في بعشيقة سيستمر لـ”ضمان عدم تغيير التركيبة السكانية في المنطقة”، معتبرا أن موقف العراق من التواجد التركي “غير مفهوم”.
وعلى الصعيد ذاته، قال خطيب النجف صدر الدين القبانجي، إن “تحرير الموصل يدلل على أن الحسين ما زال حيا وأن القضية الحسينية فيها عز الشعوب وانتصارها، ويدلل على أن المرجعية الدينية هي الأب والراعي لوحدة العراقيين”.
وهاجم القبانجي، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالقول إن “العراق لا يرضى أن تتورط تركيا بدماء وحرب ومآسي نتيجة العدوانيات والتجاوزات ولا يرضى أن تغرق بمستنقع العداء للجيران”.
يذكر أن الرئيس التركي، قال السبت الماضي، إن قوات بلاده سيكون لها دور في عملية استعادة مدينة الموصل، مشددا بالقول: “لن نسمح للمليشيات الشيعية وحزب العمال الكردستاني بالمشاركة في العملية وسنقوم بكل ما يجب لمنع هذه اللعبة”.
من جهته، هاجم قيس الخزعلي زعيم مليشيا “عصائب أهل الحق”، الرئيس التركي، في خطاب تلفزيوني أمام حشد من أنصاره في محافظة بابل، قائلا: “لن نسمح للرئيس التركي وقواته بالمشاركة في عملية تحرير الموصل”.
وأضاف: “لا أردوغان ولا عائلة بيت النجيفي (سياسيون سنة) قادرون على منع مشاركة الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل، وإن قوات الحشد الشعبي ستحبط مخطط تقسيم الموصل كما منعت مخططات سابقة في الأنبار وصلاح الدين”.
وشدد الخزعلي على أن “الحشد الشعبي سينتصر في الموصل وسيبقى في الموصل وسنذهب إلى الموصل، ولن نسمح لأردوغان بالمشاركة في معركة التحرير لأن الموصل أرضنا وعرضنا وأنت يا أردوغان شخص غريب”.
وبالوتيرة نفسها، هاجم خطيب الكاظمية في بغداد جواد الخالصي، تركيا قائلا: “إذا كنا حسينيين فيجب أن نقف وقفة واحدة ضد الفساد والانحراف، وضد التدخل التركي في الأراضي العراقية”.
ودعا إلى “مواجهة من يريد تقسيم الموصل بقو، لأن ذلك يعد تقسيما للعراق ومن ثم المنطقة”، مشيرا إلى ضرورة “التمسك بوحدة العراق أرضا وشعبا، ومعرفة أن هذا المخطط خطير يجب أن ننتبه منه”.
إلى ذلك، اعتبر كريم النوري، المتحدث العسكري باسم الحشد الشعبي، تصريحات رئيس وزراء تركيا بن علي يلدريم، بأنها “تخبط تركي يمثله أردوغان من أجل تقسيم المنطقة وفق مخطط تركي إسرائيلي”، وفقا لوكالة “تسنيم” الإيرانية.
وقال النوري إن “أردوغان الذي فشل في ترتيب الوضع في مصر عندما دعم الإخوان، الآن يريد أن يجرب حظه في العراق”، لافتا إلى أن “أردوغان يريد أن ينقلب على الشرعية الدولية وينقلب على الموازين والأعراف الدبلوماسية، ونحن نستنكر هذا الوجود”.
ولفت إلى أن “أردوغان ليس قيّما أو وصيّا على العراق” حتى يسمح لنفسه بإرسال قواته العسكرية داخل أراضي هذه الدولة “وهو كاذب عندما يدعي ويزعم أنه يريد الحفاظ على المكونات في الموصل”.
الجامعة العربية تدعم
وأبدت الجامعة العربية موقفا تضامنيا مع العراق في تصعيده ضد تركيا، فقد تعهد أمينها العام أحمد أبو الغيط ببذل كل الجهود من أجل إنهاء ما أسماه “الانتهاك التركي” للأراضي العراقية.
وبحسب بيان للخارجية العراقية اطلعت عليه “عربي21“، فإن إبراهيم الجعفري بحث في اتصال هاتفي مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، مُستجدّات الأوضاع في العراق والتطورات التي شهدتها العلاقات العراقية-التركية خلال الأيام القليلة الماضية.
وطالب الجعفري الجامعة العربية باتخاذ موقف داعم للعراق، وتأكيد رفضها دخول القوات التركيّة للأراضي العراقية، مُشيدا بالموقف المشرف للجامعة في رفض التدخل التركي، ودعمها للعراق لأول مرة بالإجماع في شهر كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي.
ودعا وزير الخارجية العراقي في حديثه مع أمين عام الجامعة العربية، الجانب التركي إلى إنهاء صفحة الانتهاك التركي للسيادة العراقية من ملف العلاقات الثنائيَّة بين بغداد وأنقرة، والالتزام بقوانين حُسن الجوار.
من جانبه، أكد أبو الغيط رفض الجامعة العربية التدخل التركي في الأراضي العراقيّة، مشيرا إلى أن الجامعة تدعم أمن واستقرار ووحدة العراق، ومنع أي تدخل خارجي في شؤونه الداخلية، حسبما ذكر بيان الخارجية العراقية.
وشدد على أن الجامعة العربية ستكثف جهودها، وحواراتها مع مختلف دول العالم، والمنظمات الدوليَّة للضغط على الحكومة التركية لإنهاء الانتهاك التركي للأراضي العراقية.
وأعلنت وزارة الخارجية العراقية، الخميس، أنها طلبت رسميا من مجلس الأمن الدولي عقد جلسة طارئة لمناقشة “التجاوز” التركي على الأراضي العراقية والتدخل في شؤونه الداخلية.
وكانت تركيا بدأت بتدريب قوات محلية من سكان الموصل في منطقة بعشيقة التابعة لمحافظة نينوى مطلع 2015، بطلب من الحكومة العراقية، حيث تلقى نحو ثلاثة آلاف شخص تدريبات عسكرية صارمة لغاية الوقت الراهن.
أغلب هؤلاء المتدربين بمعسكر بعشيقة هم من أهالي الموصل تطوعوا لقتال تنظيم الدولة، وينتظرون يوم عودتهم إلى مناطقهم في المحافظة.
والحكومة العراقية في بغداد الواقعة تحت تأثير المجموعات الشيعية، لا تريد أن يكون للمتطوعين المتدربين دور في العملية العسكرية المرتقبة على الموصل، وحتى بعد انتهاء العملية، لكونهم من السُنة.
عربي 21