بأحلامهم الصغيرة “رقائق شيبس أو قطعة بسكوت” يتراكض الأطفال في المخيم، يحلقون حول الخيام، لا يعون ما يجري
حولهم، فأحلامهم البسيطة أكبر من أن تقع على هموم من حولهم، إلا أن “بلال وأحمد ومحمد” أطفال دون العاشرة
ينظرون إلى رقائق الشيبس، بعين الخبز الحرام.
المرض:
يقول “أبو محمد” نازح من مدينة حلب، في مخيم “احتيملات”، لم يتذوق أطفالي الخبز لأكثر من خمس سنين،
ولدوا أطفالًا عاديين، ولكن بعد عمر السنتين، عانوا كلهم من مشاكل هضمية “انتفاخ في البطن، ودوخة، وهزال”.
في مدينة حلب:
قبل خروجنا من مدينة حلب، كانت مقسمة غربية وشرقية، والتنقل فيها صعب بسبب القصف المتكرر والكثيف،
خرجت من المدينة بابني محمد البكر وزوجتي، نبحث عن الأمن، وطبابة للولد.
التشخيص:
في مستشفى باب الهوى شمال ادلب، صدمني الطبيب، بقوله الدواء الحمية فقط، حمية عن مشتقات القمح والشعير ،
وكل مادة تحوي “غلوتين”، والحمية مدى الحياة، يعني لا يستطيع أكل الخبز ولا أي شيء من مشتقات القمح،
مثل الحلوى والبسكوت أو غيرها.
طفلان آخران
في ريف ادلب وقبل نزوحي مرة ثانية صوب ريف حلب الشمالي، رزقت بطفلين آخرين، “بلال وأحمد”، أعراض المرض لا تظهر إلا بعد عمر الرضاعة، وللأسف نفس التشخيص، سوء امتصاص، ممنوع الخبز ومشتقات القمح وغيره مما يحوي عنصر “الغلوتين”.
الصدفة غير السارة
أثناء مراجعتنا للمستشفى، وكانت زوجتي تعاني فقرًا في الدم، انخفض وزنها إلى أقل من 35 كيلوغرامًا،
شاهدها الطبيب، وهو يفحص الأطفال، فقال تحتاجين لنفس التحليل، وكانت نفس النتيجة، ذات المرض.
المعاناة
تستطيع الزوجة تحمل العيش دون خبز، رغم المعاناة الكبيرة في تأمين البدائل، فخبز الذرة غال جدًا وغير متوفر في الأسواق،
ورغم قلة الحيلة وذات اليد، إلا أنها تحاول العيش دون الخبز بالاعتماد على الخصراوات، وغيرها من طعام الملعقة.
ولتعويض الخبز يجب الإكثار من الفاكهة ولكن …، والمعاناة الكبيرة مع الأطفال، كيف تقنع طفل ابن خمس سنوات أن يمتنع عن البسكوت والشيبس وهو يرى أقرانه من الأطفال، وماذا سيأكل اذا امتنع عن الخبز.
نحاول جهد أنفسنا مراقبته في المنزل، للحفاظ على حميته، ولكن في المدرسة لا نعرف ماذا يحدث، فقد انتكس صحيًا أكثر من مرة، بعد أن شارك زملاءه في المدرسة طعامهم.