روغل الفر – (صحيفة هآرتس)
الإسرائيليون شعب غبي. حسب الاستطلاعات أغلبيتهم الحاسمة غير راضية عن الطريقة التي يعالج بها بنيامين نتنياهو التصعيد في غزة. أي هم يريدون الحرب. رغم أن «الرصاص المصبوب» و«عمود السحاب» و«الجرف الصامد» حققت فقط هدوءاً مؤقتاً بثمن موت عشرات الجنود الشباب. هم يريدون حرباً أخرى كهذه. وإذا لم يكن بالإمكان لحرب كهذه تحقيق هدوء أطول، هم يريدون حرباً أكبر، تتضمن احتلال القطاع. حرب مع عدد أكبر من القتلى والمصابين والثكل واليتم والدموع.
هم يريدون أن يشن نتنياهو حرباً على غزة. هي ليست زائدة في نظرهم. رغم أنه ليس بالإمكان إخضاع حماس من الجو، ورغم أنه ليس هناك أي سبب لاحتلال القطاع، في هذا الوقت هم يريدون حرباً. الامتناع عن الحرب هو في نظرهم «خضوع للإرهاب» و«تآكل الردع»، هم يطلبون أن يتم إعادة تأهيل الردع. الردع الإسرائيلي لم يكف عن إعادة تأهيله منذ حرب الاستنزاف، وإسرائيل لم تنتصر في أي حرب منذ حرب الأيام الستة. جنود كثيرون قتلوا في حرب لبنان الأولى والثانية وفي العمليات في غزة، باسم إعادة تأهيل الردع وعدم الخضوع للإرهاب. الإسرائيليون يريدون بالضبط حرباً أخرى كهذه. ليس هناك في العالم الغربي شعب يحب بهذا القدر «آلهة الحروب».
بعد الحرب يأتي البكاء. البكاء على القتلى وعلى الأرامل وعلى الأيتام وعلى الآباء الثكالى، والبكاء على المصابين على الكراسي المتحركة، والبكاء على مواطنين قضوا أسابيع طويلة في الركض نحو الغرف الآمنة والملاجئ. والبكاء على الشرف الوطني، على «الأنا» الصهيونية. البكاء على تملص النصر، وعلى حقيقة أن العدو لم يهزم وبقي صامداً. عندها يبدأ العد التنازلي للحرب القادمة.
ومع ذلك فإن الإسرائيليين يعتبرون أنفسهم محبين للسلام
هؤلاء ليسوا السياسيين الذين يثيرون الحرب فقط، وبالتأكيد ليس الجنرالات ـ بل هم الإسرائيليون أنفسهم. هم لا يستطيعون العيش بدون ذلك. فمن غير المستوعب في نظرهم عدم شن حرب في اللحظة التي توجد لها ذريعة كافية. يبدو أنهم فقدوا القدرة على التحليل المنطقي لوضعهم، وفهم حدود القوة، والتعلم بأنه لا يوجد حل عسكري لضائقاتهم. إن ايمانهم بقدرة الجيش الإسرائيلي على الانتصار في المعارك هو إيمان أعمى، وإطلاقاً لا يستند إلى التجربة. بالعكس، التجربة تبين لهم أنه منذ خمسين سنة تقريباً، والجيش الإسرائيلي غير قادر على حسم المعارك. وما زالوا يواصلون المطالبة بحرب والإيمان بقوتها المخلصة.
الإسرائيليون لم يواجهوا بعد بحرب لم يحبوها، ولم يؤيدوها منذ لحظة اندلاعها، ولم يدعوا لاندلاعها بمعنويات عالية. وهم يواصلون اعتبار أنفسهم شعباً يحب السلام. الفجوة بين الصورة الذاتية والواقع كبيرة. في هذه الأيام شعب كامل حقاً يريد الحرب. ما هو احتمال أن لا يحصل عليها أخيراً؟.
الشعب لا يريد بلورة سياسات إزاء غزة وحلول للأزمة الإنسانية هناك، وهو لا يطالب بتفكير استراتيجي يمنع الحروب. فعندما يتم الإعلان عن وقف إطلاق النار يحزن من ذلك. ربما كان يمكن فهم ذلك لو أنه لم يجرب قبل ذلك حرباً مع غزة، لكنه جمع خبرة كبيرة من الحروب في غزة، هذه التجربة تدل على أن الحروب زائدة.
الإسرائيليون يرفضون التعلم من التجربة. كل هذا لدى أشخاص مثاليين، فكرهم يوجههم أكثر من التجربة. والفكر الإسرائيلي يقول إن الجيش الإسرائيلي ينتصر في الحروب (حسب رأي الكثيرين بفضل الله أو مساعدته). ولهم ذاكرة قصيرة فظيعة، وهذه دلالة أخرى على الغباء. هم يعيشون في عالم اخترعوه لأنفسهم، والذي له علاقة ضعيفة مع الواقع، مثل افيغدور ليبرمان والـ 48 ساعة التي أعطاها لإسماعيل هنية، ويوجد لهم فتيل قصير ينفجر في.
نقلاً عن :صحيفة هآرتس- روغل الفر