جاء الشتاء جاء الشتاء أغنية يغنيها الأطفال كل يوم لكن لايدرون ماذا جلب معه من صقيع وثلوج ورياح تحمل في طياتها برد يستقر في جوف الفقراء، وتبقى نافذة الفقير تسرب بعض النسيم البارد والباب المهتز يدخل البرد في كل هزة والمدفأة التي لم تجد المازوت وتشم ريحه هذا العام.
ارتفعت أسعار المازوت في الشمال السوري مع قدوم أول منخفض جوي لشتاء العام الحالي ليبدأ المدنيون بضرب أخماسهم بأسداسهم .
المعلم الذي كان قد وضع جدولا لحاجياته الشتوية الأساسية وقد حسب سعر برميل المازوت بـ45 ألف ليرة سوريا انتهى جدوله مع الارتفاع المفاجئ والفلاح الذي باع زيتونه بأسعار رخيصة وجد أن سعر البرميل يساوي اليوم ثمن 4 تنكات زيت بعد أن كان يساوي 3 خلال الأسبوع الماضي .
ارتفعت أسعار المازوت بشكل مفاجئ ما اضطر العائلات في الشمال السوري إلى التوجه لشراء الحطب الذي بدأ بالارتفاع مع زيادة الطلب عليه خلال الأيام القليلة الماضية مما يزيد معاناة رب الأسرة الذي سيشتري مدفأة خاصة بالحطب ويترك مدفأة المازوت وصوت صفيرها وانينها للعام القادم.
بدأ التجار في الشمال السوري باحتكار كميات كبيرة من المازوت مستغلين تقاتل الفصائل الذي حدث لمدة يومين في شمال حلب ليرتفع المازوت مع الاقتتال لكنه لم يهبط مع الاتفاق على الصلح بينهم وكأن الشيئ الذي يحلق في السماء لن يعود للأرض فالتخزين في مستودعات ضخمة شكل أزمة حقيقية في توفر المازوت وانخفاض أسعاره الأمر الذي أثر بشكل كبير على 95% من سكان الشمال السوري.
لقد تم تسجيل سعر برميل المازوت القادم من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية إلى إدلب ذو الجودة العالية بنحو 45 ألف ليرة الأسبوع الماضي لكن خلال أسبوع واحد ارتفع ليصل لنحو 65 ألف ليرة وبلغ سعر ليتر المازوت للسيارات في المحال التجارية 300 ليرة بعد أن كان منذ أسبوع 200 ليرة .
ويقف الفقراء حائرون أمام الشتاء المظلم الحزين الذي تهب رياحه من الشمال الغربي جالبة معها البرد الذي يسكن قلوب الأطفال دون رحمة من التجار الذين يتناوبون على زيادة فقر الفقراء وتعاسة التعيسين وهم يجلسون على بحيرات من المازوت والفقير جالس مع أولاده ينتظر رخص الأسعار ويسابق الشتاء الذي يبدو أنه سينهزم أمامه .
ودعا الناشطون في الشمال السوري للامتناع عن شراء المازوت الذي يحتكره التجار لتظهر الأزمة ويجبر الفقراء على الدفع أكثر ويربح التاجر دون أن يرى أكف الأطفال الصغيرة وهي ترتجف بردا.
يتزامن قدوم فصل الشتاء مبكرا هذا العام مع موسم حراثة الأراضي والتي تستهلك كميات كبيرة جدا وتصل تكلفة حراثة الدونم الواحد لأكثر من ليترين أي 600 ليرة سورية ليزداد الطلب على المازوت أضعافا مضاعفة .
تجار المازوت هم من يجلبون البرد فالشتاء فصل البرد والأمطار والثلوج لكن التاجر باحتكاره لوسائل الحماية من البرد هو شريك له بإيذاء الأطفال الفقراء والنازحين الذين لهم قصص طويلة مع البرد.
المركز الصحفي السوري _ خاطر محمود