لم تكتمل فرحة أهالي أحياء حلب الشرقية بفك الحصار عنهم بعد أن دام أكثر من شهر، فقد ظنوا أن الفرج اقترب وأنهم سينسون معاناتهم وحرمانهم، إلا أنهم وقعوا ضحية لحصار آخر قد تكون نتائجه أشد بأسا من سابقه الذي لم يدم سوى لبضعة أيام.
استطاعت قوات النظام المدعومة بالميليشيات الإيرانية وحزب الله استعادة السيطرة على تلة أم القرع التي تشرف على طريق الراموسة وهو الممر الجديد الني قام الثوار بفتحه باتجاه الأحياء الشرقية، وقامت برصده ناريا لتمنع دخول أي نوع من المواد الغذائية أو دخول وخروج المدنيين منه، فاستهدفت سيارات الخضار والمواد الغذائية الأساسية بهدف قتل مظاهر الحياة في تلك الأحياء وإخضاع أهلها لسيطرتهم بغية إذلالهم.
أسواق فارغة من أي نوع من الخضار أو الفاكهة، وجوه بائسة غابت البسمة عن شفاهها، وأطفال كتب عليهم أن يعيشوا حصارا مستمرا ويحرموا من أبسط مايحق لهم، وبحسب اليونيسيف بلغ عدد الأطفال المحاصرين في حلب 100 ألف طفل، والحصار يعني أن أجسادهم الغضة دون غذاء.
ليس الحصار وحده الوحش القاتل في حلب، بل زاد القصف والغارات اليومية بشتى أنواع الأسلحة المحرمة دوليا بما فيها الفوسفور والنابلم الحارق من معاناة الأهالي، فويلهم تأمين قوت يومهم من بقايا الأسواق، أو الاختباء في الملاجئ خشية الغارات التي تمطر سماءهم دون كلل أو ملل.
أم عامر من حي الأنصاري تتحدث ودموعها تأبى التوقف:” لم تكتمل فرحتنا بفك الحصار عنا، فقد كنت أعلم أن النظام الحاقد لن يسمح بذلك، وسيعمل جاهدا على حصارنا من جديد، فعناصره تتلذذ بتعذيبنا وحرماننا من مقومات الحياة، أستيقظ كل صباح وأتهرب من أولادي كي لايسألوني ماذا سأطهو لهم، أين سيهرب هؤلاء المجرمون من عقاب الآخرة”.
ويتساءل الكثيرون هل توقفت معركة حلب عند هذا الحد؟، في الحقيقة لم تتوقف وقوات النظام تحاول بشكل يومي التقدم باتجاه طريق الراموسة إلا أنها تتكبد خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، وكثافة القصف الجوي والمدفعي يحول دون تمكن الثوار من التقدم باتجاه معمل الاسمنت وتلة المحروقات.
وردا على حصار النظام لأحياء حلب أصدر “فتح حلب” بيانا اليوم أنه سيعلن طريق الكاستيلو منطقة عسكرية والذي يعتبر الممر الوحيد لقوات النظام وآلياته، وأمهل البيان المدنيين الراغبين بالخروج من المدينة حتى صباح يوم الأربعاء القادم قبل أن يحاصروا تلك الأحياء عبر رصد الطريق ناريا.
يحاول النظام بشتى الوسائل إخضاع المناطق الخارجة عن سيطرته له عبر سياسة الجوع أو الاستسلام، ويحاول تكرار مضايا جديدة التي أنهكتها الأوبئة والأمراض بعد أعوام من الحصار، ولا نسمع سوى مشاورات واقتراحات بين موسكو وواشنطن في قمة العشرين في الصين بشأن الوضع الإنساني في المدينة والحديث عن هدنة لمدة 48 ساعة، رغم ذلك نحن أمام حقيقة واضحة لا غبار عليها، الحصار عاد من جديد فهل سيكون أسوأ من سابقه، أم أن قمة العشرين ستنجح باتخاذ قرارات إيجابية لصالح تلك الأحياء التي أعياها القصف وأنهكها الحصار؟.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد