في صبيحة يوم الجمعة 10 نيسان/أبريل 2020 الجاري تعبر مركبة الفضاء “بيبي كولومبو” (BepiColombo) سماء الأرض على مسافة قريبة جدا من سطحها تبلغ 12,677 كيلومترا فقط.
وهذه المسافة تساوي قطر الكرة الأرضية، والمركبة في طريقها نحو هدفها التي أطلقت لأجله وهو كوكب عطارد أقرب وأصغر كواكب المجموعة الشمسية، لتكون بذلك ثالث مركبة فضاء تزور هذا الكوكب بعد كل من “مارينر10” التي زارته بين (1974-1975)، ومركبة “ماسنجر” التي زارته بين الأعوام (2008-2015).
متطلبات زيارة الكواكب
أطلق اسم “بيبي كولومبو” على المركبة تيمنا بعالم الميكانيكا الفضائية الرياضي الإيطالي “بيبي كولومبو” الذي كان أول من أضاف تعديلا على مدار مركبة “مارينر10″، وجعل زيارتها لعطارد ممكنة وناجحة.
ولإطلاق مركبة فضاء نحو أحد الكواكب الخارجية كالمريخ والمشتري وزحل يلزم علماء الميكانيكا معرفة الطاقة الكلية للمركبة لحظة خروجها من جاذبية الأرض إلى مدار الإفلات، والسرعة اللازمة كي تتخذ مدارا أطول من مدارها حول الأرض، فإذا كانت ستزور كوكبا داخليا كالزهرة أو عطارد فإن على العلماء ان يبطئوا سرعتها بمقدار معين وقت عبورها بالكوكب الذي سيعمل على تبطيء سرعتها، وهو ما سيكون من شأن “بيبي كولومبو” يوم 10 نيسان/أبريل الجاري مع الكرة الأرضية.
تفاصيل المهمة الطويلة
كانت “بيبي كولومبو” -وهي مركبة يابانية أوروبية مشتركة- قد أطلقت يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وخرجت من الأرض متخذة مدارا حول الشمس منذ ذلك الحين، وتعود الآن كي تنطلق من الأرض لآخر مرة نحو كوكب الزهرة، حيث ستطوف به مرتين، الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 2020، والثانية في أغسطس/آب 2021، لتغادره نحو هدفها عطارد الذي ستطوف به ست مرات، قبل أن تتخذ مدارا ثابتا حوله.
ويقدر أن تبلغ المركبة هدفها يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أي بعد حوالي شهرين من مغادرتها كوكب الزهرة، وبعد 3 سنوات من مغادرتها الأرض، وتقطع “بيبي كولومبو” خلال كامل رحلتها 9 مليارات كيلومتر، وهو ما يفوق المسافة بين كوكب بلوتو والشمس.
وقبل أن تتخذ مدارا حول عطارد في 5 ديسمبر/كانون الأول 2025 ستكون “بيبي كولومبو” قدر دارت حول الشمس 18 مرة، وقامت في كل دورة بمناورة تبطيء سرعتها، تماما كالتي ستعملها مع الأرض في لقائها المرتقب.
ومن المفترض أن تدور “بيبي-كولومبو” حول المريخ حتى عام 2027، ويمكن تمديدها حتى 2028.
الرحلات الداخلية والخارجية
ولكونها رحلة داخلية فإن الطاقة اللازمة لتحقيق نجاحها تفوق الطاقة اللازمة للسفر نحو أبعد كواكب المجموعة الشمسية، ذلك أن مسارها إلى الداخل يخالف الحركة العامة للمجموعة الشمسية، مما يصعب المهمة، في حين يسهل ذلك على الرحلات الخارجية، لأنها تسير بسرعة ابتدائية موافقة أولا لسرعة دوران الأرض ولسرعة الكواكب التي ستقذفها نحو الفضاء السحيق.
وقد نشرت وكالة الفضاء الأوروبية (إيسا) ووكالة الفضاء اليابانية (جاكسا) تفاصيل الرحلة واللقاء المرتقب بين مركبة “بيبي كولومبو” والأرض، وحددت كثير من المواقع الفلكية تفاصيل الاقتراب وإمكانية رؤية المركبة وقت وصولها الحضيض مع الأرض في حوالي الرابعة والنصف صباحا بتوقيت مكة المكرمة، حيث ستكون المركبة مرئية بواسطة المناظير الفلكية والتلسكوبات فقط، وستظهر كجرم سماوي لكنه سيكون أخفت مما تستطيع العين المجردة أن تراه بحوالي 12 مرة.
هواة الفلك في الانتظار
وتفصل الخرائط الفلكية مسار عبور المركبة بين بروج الجدي والقوس والعقرب، حيث تكون حركتها مخالفة لحركة دوران الأرض حول نفسها، وذلك كي تتمكن الأرض من تبطيء سرعتها بمقدار 5 كلم/ثانية فقط، وهو فارق سرعة كفيل بأن ينقل المركبة إلى مدار كوكب الزهرة.
يذكر أن أقصى بعد لمركبة “بيبي كولومبو” عن الأرض سيكون 270 مليون كيلومتر، مما يعني أن الإشارة الراديوية/اللاسلكية المرسلة منها سوف تستغرق 13 دقيقة قبل أن تصل الأرض.
وسيقوم هواة الفلك متوزعين في مدن مختلفة في الوطن العربي برصد هذا الحدث العالمي، ثم كتابة التقارير وإرسالها مع الصور الملتقطة للحظة العبور إلى وكالة الفضاء الأوروبية، حيث ستعمل هذه النتائج على التأكد من دقة حسابات العناصر المدارية للمركبة ووقت وصولها المتوقع.
وللحصول على خريطة مسار المركبة بين نجوم السماء يمكن زيارة هذا الموقع وإدخال إحداثيات المدينة المطلوبة.
نقلا عن الجزيرة