لم يمضي شهر على إصدار وزارة المالية في حكومة النظام السوري قرارها حول فرض رسم للإنفاق الاستهلاكي بمقدار 5% على الذهب، حتى ثارت موجة من الاحتجاجات بين الصياغ، بدأها رئيس الجمعية الحرفية للصاغة والمجوهرات في دمشق غسان جزماتي، وأعقبها بيان أصدرته جمعية الصاغة في حلب التي عبرت من خلالها عن رفضها للقرار مطالبة أعادة النظر فيه.
ورأى جزماتي في تصريح لإحدى الصحف المرتبطة بالنظام أن هذه الضريبة إنما من شانها أن ترفع من أجرة صياغة الذهب، حيث سيزيد الصائغ 400 ل.س كأجرة إضافية ليسدد رسوم الانفاق الاستهلاكي الجديد، وبالتالي ستصبح أجرة صياغة الغرام 700 ل.س، بدل 300 ل.س.
وبيّن جزماتي خلال اعتراضه أن القرار سيؤثر أيضاً على سعر كل من الأونصة الذهبية السورية والليرة الذهبية السورية، وسيحمّل على أسعارهما الأساسية تكاليفاً أخرى، حيث ستصبح أجرة صياغة الليرة السورية 5000 ل.س بعد أن كانت 1200 ل.س.، ولم يخف جزماتي أن القرار سينعش السوق السوداء، ومن الممكن أن يحجم بسببه الصياغ عن دمغ الليرات والأونصات الذهبية خاصتهم لبيعها بشكل مباشر إلى الزبائن دون الرجوع إلى الجمعية، معتبراً أن هذه الحالة لا يمكن ضبطها إلا في حال تفاعل المواطن مع الجمعية وشكى تلك المخالفات.
وفي هذا الإطار أكد أحد الصياغ في تصريح خاص لموقع الحل السوري، أنه من الطبيعي أن يحمّل الصائغ اليوم التكلفة الإضافية التي فرضتها الحكومة، على أسعار الذهب للمواطن الذي يريد شراء الذهب للإدخار، حيث سيدفع الأخير إضافة على سعر الغرام الواحد 400 ل.س، مشيراً إلى أن ذلك سيقلل من الإقبال على شراء الذهب للادخار وسيزيد من الضغط على شراء الدولار الأميركي، وهو ما سيساهم بدوره في تدهور قيمة الليرة السورية “المتدهورة أصلاً”، على حد وصفه.
ورأى المصدر، أن الحكومة السورية منذ بداية التدهور الاقتصادي في سوريا، لم تتوقف عن إصدار هذه القرارت العشوائية، والتي تهدف من خلالها لجمع موراد جديدة لخزينتها، ضاربة عرض الحائط تأثير هذه القرارات على الاقتصاد المحلي بشكل عام وعلى المواطن بشكل خاص، فالذهب بالنسبة لها أداة استثمارية لا أكثر.
ومن جانبه قال خبير اقتصادي معارض فضّل عدم الكشف عن اسمه القرار الجديد إنه من الخطأ النظر إلى هذا القرار على أنه يخص صناعة المصوغات الذهبية فقط، إنما هو قرار يمس الاقتصادي السوري بشكل عام، على اعتبار أن مبيعات الذهب في سوريا قبل عام 2011 كانت تعادل الـ 60 مليار ليرة سورية سنوياً، وهو ما يوزاي 4.5 % من ميزانية سوريا السنوية.
وأكد الخبير أن إصدار هذه الضريبة من شانه أن يزيد من تهريب الذهب غير المشغول إلى خارج سوريا، هو أمر سيؤثر على الاقتصاد “بشكل خطير” على حد وصفه، واتفق مع رئيس جميعة الصىاغة بأن الضريبة ستساهم بتنشيط السوق السوداء في بيع الذهب، كما إنها ستجعل من المواطن الذي يريد الادخار العزوف عن شراء الذهب والتحول إلى العملات.
وأوضح الخبير أن النظام السوري وجد من الذهب أداة لجمع موارد جديدة لخزينته فقط، دون أن يراعي الفرق بين الذهب المشغول للزينة، وبين الذهب المعد للادخار كالسبائك، حيث فرض المشرّع الضريبة على النوعين وكأنه لافرق بينهما، وبالتالي فإن المواطن المدخر للذهب اليوم وفي حال اشترى ليرة أو أونصة، فإنه سيخسر في ثمنها مباشرة 5% أي قيمة الضريبة المفروضة، وبالتالي كان من الأجدى على المشرع أن يراعي هذه الناحية على الأقل عند صياغة القرار.
أما في حلب، فمنذ إعلان القرار، لم تقدَّم أي قطعة ذهبية لجميعة الصاغة لدمغها كردة فعل من الصياغ على فرض الضريبة، وهو ما تزامن مع قيام محلات الصاغة بإفراغ محلاتهم من المصوغات، كما أصدرت جمعية الصاغة في حلب بياناً عبرت من خلالها عن رفضها للقرار، معتبرة أن 5% هو رقم “كبير ومجحف” كضريبة تفرض على أسعار الذهب، ولفتت الجمعية في بيانها إلى أن القرار من سيؤدي أيضاً إلى هجرة ما تبقى من اليد الحرفية العاملة بهذا المجال، كما سيسمح بعلمليات التلاعب والتهرب الضريبي.
وحذرت جميعة الصاغة بحلب، من إمكانيه انتشار عمليات الغش في عيارات الذهب وتزوير الأختام، الأمر الذي سيؤدي إلى حالة من الفلتان بأسواق الذهب، كما طالبت الحكومة بإعادة النظر في قرارها، مشيرةً إلى أن المبلغ الذي يمكن أن يفرض هو 5000 ل.س لكل كيلو غرام من الذهب، وهو ما يتماشى مع وضع الأسواق، على حد تعبيرها.
وتشهد أسعار الذهب في سوريا ارتفاعاً يومياً بشكل متوازٍ مع هبوط قيمة الليرة السورية مقابل الدولار، حيث وصل سعر غرام الذهب عيار21 قيراط إلى ما يقارب 8000 ل.س، وعيار 18 قيراط إلى حوالي 6800 ل.س.
الحل السوري – لانا جبر