لجأ طلاب سوريون منقطعون عن التعليم الجامعي في المناطق المحاصرة والخارجة عن سيطرة النظام إلى ما يعرف بالتعليم عن بعد أملا في مواصلة تعليمهم بعد انقطاع دام لسنوات، إلا أن الاعتراف به يتفاوت من دولة إلى أخرى.
بعد أكثر من خمس سنوات على الحرب في سوريا وجد آلاف من طلاب الجامعات -خصوصا أبناء المناطق الخارجة عن سيطرة النظام- أنفسهم مضطرين للبحث عن بدائل لإنقاذ سنوات قضوها على مقاعد الدراسة أملا في مستقبل جيد. وفي ظل عدم قدرتهم على مواصلة تعليمهم في جامعات النظام خوفا من القتل أو الاعتقال أو سوء المعاملة لم يجد الطلاب بديلا سوى ما يعرف بالتعليم الافتراضي أو التعليم عن بعد لإنقاذ تلك السنوات.
محمد إبراهيم كان طالبا في السنة الأولى بقسم اللغة العربية في جامعة البعث في حمص (وسط سوريا) وقد أجبرته الثورة على ترك دراسته خوفا من الاعتقال والملاحقة، فوجد في التعليم الافتراضي فرصة لمواصلة تعليمه بعد انقطاع دام سنوات.
يقول إبراهيم إنه على الرغم من أن كثيرا من زملائه المنقطعين عن تعليمهم الجامعي لم يقتنعوا بالأمر واعتبروه مضيعة للوقت والجهد بسبب انتشار الجامعات الوهمية فإنه أصر على مواصلة تعليمه، وقد حاول كل جهده كي لا يكون ضحية الجامعات الوهمية وبادر للتسجيل في إحدى الجامعات الافتراضية التي تقدم منحا للسوريين الذين يعانون من الحرب.
ويعد التعليم الافتراضي أو التعليم عن بعد واحدا من طرق التعليم المتبعة في عدد من الجامعات العربية والعالمية إلا أن الاعتراف به يتفاوت من دولة لأخرى، ويعتبر خيارا أمام الطلبة الجامعيين، بيد أن التحصيل العلمي فيه أقل من التعليم المنتظم، ولا سيما في التخصصات العلمية والعملية، يضاف إلى ذلك انتشار عشرات الجامعات الوهمية التي تعمل على ابتزاز الطلاب.
وإزاء ذلك عمد عدد من الأكاديميين في ريف حمص إلى إنشاء مركز حمص للتعليم الافتراضي، والذي قام بدوره بتأمين منح دراسية لطلاب الريف الحمصي المحاصر من الجامعات المعترف بها عالميا.
وفي هذا السياق، قال مدير المركز عبد الرحمن الضيخ للجزيرة نت إنه وزملاءه سعوا من خلال هذا المركز لتجنيب الطلاب دفع مبالغ مالية كبيرة، حيث يعد التعليم في هذا المركز مجانيا، بالإضافة إلى سعيهم لتأمين تعليم قد لا يرقى إلى التعليم النظامي في الجامعات لكنه يعد خيارا جيد في ظل الظروف التي يعيشها السكان بالمناطق المحاصرة.
صعوبات وتحديات
ويواجه التعليم الافتراضي -خصوصا للسوريين- تحديات عدة، لعل أبرزها اعتماد هذا النوع من التعليم على توفر الإنترنت بسرعات جيدة، وهو ما تفتقده أغلب المناطق السورية الخارجة عن سيطرة النظام أو المحاصرة، فضلا عن الحالة الأمنية من استمرار القصف ومعاناة السكان من ظروف الحصار.
ويصف ساري الزكاحي -وهو من سكان بلدة تلدو في ريف حمص- للجزيرة نت تجربته مع هذا النوع من التعليم بالفاشلة، حيث يقول اضطررت كآلاف من طلاب ريف حمص لترك دراستي الجامعية بفعل الأحداث التي شهدتها سوريا، ورغبة مني في مواصلة التعليم بحثت عن إحدى الجامعات الافتراضية المعترف بها وسجلت فيها.
وأشار إلى أن رسم التسجيل كان مئة دولار للعام الدراسي الواحد فدرس عاما وبعدها اضطر إلى ترك الدراسة لعدم القدرة على تأمين المبلغ في ظل الظروف من قصف وحصار وندرة في العمل، واعتبر أن توفير الطعام لأسرته في هذه الظروف أولى من إكمال الدراسة.
الجزيرة