فأهم ما يجمع بين الاثنين أن «طالبان» سهّلت ولادة تنظيم «القاعدة» وقدّمت لمؤسسيه الملاذ والدعم وكل أسباب الوجود، أما ايران فتلقّفت التنظيم بعد ضربه في افغانستان ثم أعادت انتاجه وتوظيفه. وأتاحت لها الأزمة السورية أن تذهب في استخدام «القاعدة» الى حدٍّ أقصى، بل أضافت نموذجاً مستنسخاً لهذا التنظيم سواء بإقحام «حزب الله» في هذا الصراع أو بالتعبئة والتجنيد في مختلف البيئات الشيعية. أما «الجهاديون» السنّة – «التكفيريون» وفق المصطلح الايراني – فلا يقصد أي منهم سورية برغبةٍ أو تشجيعٍ من جهة رسمية، بل انهم «مطلوبون» ومطاردون من حكوماتهم. والأنكى أنهم لا يعرفون أنهم مجرد أدوات في لعبة النظامين السوري والايراني.
كانت سورية دولة يُعتمد عليها، الى جانب مصر، في رسم استراتيجية دفاعية عربية وبالأخص في مساندة السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي. لكنها في عهد الأسد الابن خرجت من المعادلة والتحقت بإيران في «محور الممانعة». وفي غياب مصر ثم سورية منذ العام 2011 أصبحت السعودية فعلاً في قلب الصراع مع ايران، ومع ذلك يبقى الموقف السعودي في سورية أكثر وضوحاً في أنه يريد الحفاظ على البلد ووحدته، أما إيران فيزداد الاقتناع بأنها تجاوزت كل الأسباب والاعتبارات التي توقفها عن الدفع في اتجاه تقسيم سورية، تماماً كما فعلت سابقاً في العراق وإلا لكانت فرضت على حكومة بغداد سياسة اخرى غير التي يتّبعها نوري المالكي. ولا تطمئن طهران الى أي نفوذ تحصّله إلا اذا كان لها وجود راسخ على الأرض، كما هي حالها الآن في العراق (من خلال «حزب الدعوة») وسورية (بجعل النظام تحت رحمتها) ولبنان (من خلال «حزب الله»). في كل السيناريوات المتصوَّرة لم تخطط السعودية لنفوذ على هذا الشكل، ثم إن هذه الدول عربية ومن غير الوارد التفكير في السيطرة عليها بأسلوب عسكري مذهبي كهذا، وفي المرّة الوحيدة التي اضطرت للقيام بتدخل، كان ذلك في البحرين وبطلب من حكومتها وفي اطار مجلس التعاون.
عبد الوهاب بدرخان #الحياة