بدأ التحول الحقيقي حين نشرت وسائل الإعلام الإيرانية، في كانون الثاني/يناير 2015، خبراً عن مقتل أحد العناصر من فيلق القدس في سورية، قالت فيه إنّ “الشهيد حسين أحمدي من الأوائل الذين ذهبوا إلى سورية للدفاع عن مقامات أهل البيت”، وفقاً لموقع “مشرق نيوز” الإلكتروني، وذلك للمرّة الأولى منذ بدء التدخل العسكري الإيراني في سورية. قبل ذلك، كانت وسائل الإعلام الإيرانية تكتفي بوصف المقاتلين الإيرانيين بالـ”مدافعين عن العتبات المقدسة” الذين ذهبوا “تطوعاً” إلى سورية، من دون أي ذكر حتى لأسمائهم.
وسائل الإعلام المحلية
بثّ التلفزيون الرسمي الإيراني، في أبريل/ نيسان 2016، شريطاً دعائيًا يدعو إلى تجنيد الأطفال للدفاع عن المقامات المقدسة في سورية والعراق. حمل الفيديو اسم “شهداء لحماية العتبات المقدسة”، ويشجع الأطفال على المشاركة في الحرب بسورية. أنتج الفيديو عبر وحدة “الباسيج” الموسيقية التي تشكل الذراع الإعلامية لمليشيات الباسيج شبه العسكرية، بحسب المجلس الوطني الإيراني المعارض. ويُظهر الفيديو أطفالاً إيرانيين يتعهدون ببذل أرواحهم فداءً لمرشد إيران علي خامنئي، وبحمل السلاح لـ”تحرير سورية والعراق”.
وعُرضت أيضاً سلسلة من الأفلام الوثائقية التي تظهر فيها زوجات المقاتلين الذين قضوا في سورية” على التلفاز، ليتحدثن عن علاقتهن بأزواجهن، وكيف ضحوا “بكل الرغبات الدنيوية من أجل الواجب الديني والدفاع عن العتبات المقدسة في سورية”.
كما استقبل المرشد الأعلى علي خامنئي عائلات هؤلاء عّدة مرات، وبثت اللقاءات مباشرة على المحطات المحلية. إذ استقبل في مايو/ أيار 2016 بعض عائلات القتلى الذين ينتمون إلى لواء “الفاطميون”، والذي يتبع للحرس الثوري الإيراني، ويتشكلّ من الأفغان القاطنين في إيران، لا سيما السجناء الذين أُفرج عنهم شرط المشاركة في الحرب في سورية، وقتل منهم أعداد كبيرة هناك، من بينهم علي رضا توسلي ومصطفى صدرزاده من قادة هذا اللواء. كما نظمت مسيرة في 28 يونيو/ حزيران 2016 من أجل تكريم قتلى “زينبيون”، وهو لواء مقاتل في سورية من الرعايا الباكستانيين في إيران.
وقال خامنئي في أحد هذه اللقاءات إنّ “أولادكم ضحوا بحياتهم من أجل حماية العتبات المقدسة من قوى الشرّ، لذا فإنّ مكانتهم مهمة جداً لدينا”، موجهاً حديثه لعائلات القتلى. وأضاف أنّه “لولا دفاع هؤلاء عن العتبات المقدسة في سورية والعراق، كانت القوات الإيرانية ستضطر لمواجهتهم في كرمنشاه وهمدان”، معتبراً أنّ “هؤلاء سيكونون مع الشهداء الأوائل في الإسلام، والثورة الإسلامية وكربلاء”.
وظهر قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري مع عدد من المسؤولين الإيرانيين، أثناء زيارتهم لعوائل القتلى وتقديم التعازي. كما ظهر مسؤولون في شهر مارس/ آذار الماضي على وسائل الإعلام، وقالوا إنّ عدداً من الشوارع ستسمى باسم “المدافعين عن المقامات المقدسة”.
كما نشرت أخيراً على “وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء” صور من معرض طهران الدولي للكتاب، وتُظهر الصور عدداً من زائري المعرض كـ”مدافعين عن المقامات المقدسة”، وهم يركبون على دراجة نارية أمام لوحة كبيرة لشارع مدمرّ في سورية.
وسائل التواصل الاجتماعي
في ظلّ استمرار حجب موقعي “تويتر” و”فيسبوك” من قبل السلطات الإيرانية، تعتمد الأخيرة بشكل أساسي على “إنستاغرام” و”تيليغرام” في الترويج لتدخلها في سورية، من خلال حسابات خاصة بالمقاتلين الإيرانيين في سورية، والتي جذبت عشرات الآلاف من المتابعين، ومعظمهم من الداعمين للتدخل العسكري.
ويعدّ حساب الصحافي الإيراني، حسن شمشادي الأكثر نشاطاً على إنستاغرام، إذ يملك أكثر من 90 ألف متابع لحسابه، حيث ينشر صوراً و”سيلفيهات” من الخطوط الأمامية في سورية، وتتناول معظم منشوراته مواضيع تتعلق بالقتلى الإيرانيين في سورية والعراق.
ونشر على صفحته حتى الآن حوالي 346 نعوة لقتلى إيرانيين وأفغان في سورية والعراق منذ 2015، وينشر باستمرار صوراً للقتلى على “يد الإرهابيين التكفيريين في سورية” على حدّ تعبيره، بالإضافة إلى صور أثناء التشييع وصور لأفراد عائلاتهم. وصرّح في أكثر من مرّة أنّ “الإيرانيين في سورية من أجل إظهار الإسلام الحقيقي والصحيح”.
العربي الجديد