لم يغير التدخل العسكري الروسي في سورية، على مدى الأشهر الماضية، ميزان القوى على الأرض وحسب، بل إن الاستعراض العسكري المفتوح والمتواصل الذي تقدمه “نخبة” الصناعات العسكرية الروسية قد يدّر على موسكو صفقات أسلحة بمليارات الدولارات.
ووفقاً لصحفية “كوميرسانت” الاقتصادية، فإنّ روسيا بصدد توقيع عقود أسلحة جديدة مع عدد من الدول بقيمة تتراوح ما بين 6 و7 مليارات دولار، وذلك بعدما أظهرت الأسلحة الروسية كفاءتها، خلال الحملة العسكرية التي شنتها موسكو في سورية.
وأفادت صحيفة “كوميرسانت” الروسية أن موسكو ستغطي بهذه الصفقات ما أنفقته على العملية العسكرية في سورية والبالغ نحو 500 مليون دولار، إضافة إلى تحقيق أرباح. وذكر مصدر مقرب من هيئة الصادرات العسكرية الروسية للصحيفة، أن العملاء يتطلعون لشراء الأسلحة، التي أثبتت فعاليتها على أرض المعركة في سورية.
ونقلت الصحيفة عن المصدر: “في سورية، حققنا هدفين، الأول أننا أثبتنا تمتعنا بقدرات قتالية عالية وامتلاكنا تكنولوجيا عسكرية متطورة ما جذب المشترين. أما الهدف الثاني الذي حققناه فهو أننا اختبرنا أكثر من نصف أسطولنا العسكري في ظروف قتالية صعبة”.
” وبحسب ما أورد موقع “روسيا اليوم”، نقلت صحيفة “كوميرسانت” عن مدير مصنع شكالوف نوفوسيبيرسك الروسي للطائرات الحربية سيرغي سميرنوف: “بعد بدء الحملة العسكرية الروسية في سورية، طلبت الجزائر من روسيا في ديسمبر/كانون الأول الماضي 12 قاذفة من طراز “سو 32″. مضيفاً أن المفاوضات كانت تجري ببطء شديد في السنوات الثماني الماضية، إلا أنّ العملية العسكرية (الروسية في سورية) شجعت الجزائر على اتخاذ قرارها وأعطت زخماً إيجابياً للصفقة”.
ولفتت الصحيفة إلى أن الدفعة الأولى من قاذفات “سو 32” ستكلف الجزائر ما لا يقل عن 500-600 مليون دولار، مع توقعات بطلبها ما بين 6 و12 قاذفة أخرى. كما طلبت الجزائر من روسيا تزويدها بـ”سو-355 أس”، وأبدت الجزائر اهتماماً بشراء 10 مقاتلات منها على الأقل بـ 850 إلى 900 مليون دولار. وفي الوقت نفسه، أبدت كل من إندونيسيا وفيتنام وباكستان اهتمامها بشراء القاذفة الروسية “سو-35″، ولاسيما أن لديها خبرة في تشغيل الطائرات السوفييتية، إلا أنها بحاجة إلى إعادة التأهيل ورفع مستوى الاستخدام بما يتماشى مع المواصفات الحالية للقاذفة. ومن المتوقع أن تتجاوز الصفقة مع إندونيسيا وفيتنام مستوى مليار دولار.
وقالت صحيفة “كوميرسانت” إنّ ظهور منظومة الصواريخ الروسية “أس 400” في سورية أثار اهتمام المملكة العربية السعودية، التي تسعى إلى تزويد جيشها بهذا السلاح النوعي. كما أعربت الهند عن رغبتها في الحصول على منظومة الصواريخ هذه، إلا أن روسيا لم تبد، حتى الآن، اهتماماً ببيع منظومة الصواريخ “أس 400″، ولكن في حال قررت بيع المنظومة فلن يقل سعرها عن 2-3 مليار دولار.
وسواء أطلق عليها البعض اسم “ألعاب موسكو الحربية” أو “القوة العسكرية الروسية” الحاسمة في ساحات القتال في سورية، فإن الإقبال على الأسلحة الروسية يعكس نجاح روسيا في استغلال تدخلها العسكري في سورية لجذب مشترين لجدد لأسلحتها. فباسم الحرب على الإرهاب نقل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ترسانة من أحدث أسلحة البر والبحر والجو إلى سورية لدعم نظام بشار الأسد، وقد تجلى آخر استعراض لهذه القوة في دحر “داعش” من مدينة تدمر الأثرية بعدما سيطر مسلحو التنظيم على المدينة الماضي. وفي السياق، سلطت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية الضوء على ترسانة الأسلحة والدروع والطائرات الحربية الروسية في سورية.
الأسلحة الجوية
نقلت روسيا إلى سورية خلال أشهر تدخلها المباشر أسطولاً من الطائرات المقاتلة الحاملة لصواريخ موجهة بدقة وبتقنيات تحكم عالية. وبينما يتولى فريق من القيادات العسكرية، انطلاقاً من السفارة الروسية في دمشق، غرفة العمليات فإن العمليات الميدانية الجوية تنطلق من القاعدة الرئيسية في ميناء اللاذقية الساحلية، شمال غرب سورية. ومن هذه القاعدة أيضاً تنطلق طلعات جوية لتشكيلات قوية من طائرات “سو 34″، و “سو35 أس”، و “سو 30 أس أم”، و”سو 24″، و “سو 25” المقاتلة، الى جانب مجموعة من طائرات هليكوبتر من طراز “ام آي 24” و”أم ايه 35″، والمروحيات المقاتلة من طراز “أم آي 8″، ووحدات النقل الجوي أنتونوف “إيه أن 124” وإليوشن “إي أل-76 “وطائرات توبوليف 154.
وقد تم تجهيز جميع طائرات “سو 24″، “سو 25″، “سو 30 “و “سو 34 ” الهجومية بصواريخ جو-جو وجو-أرض لمساعدة القوات البرية السورية وتدمير القواعد “العدو”، بما في ذلك أهداف أرضية من قبيل السكك الحديدية والجسور والمصانع ومدارج الطائرات والملاجئ المدعمة بالخرسانة المسلحة. وتمتاز الصواريخ المحمولة على المقاتلات الروسية، والتي يصلها وزن الصواريخ الواحد منها إلى 136 كيلوغراماً بشدة الانفجار وسرعة الوصول الى الهدف، بحيث تصل سرعة الصاروخ إلى 900 ميل في الساعة. ويستخدم الطيارون “نظام التوجيه نصف الآلي بالليزر” بحيث يُحدد الطيار الهدف باستخدام الليزر البصري. كما تستخدم الطائرات الحربية الروسية صواريخ “كي اتش 25” الصغيرة، ويزن الواحد منها حوالي 300 كيلوغراماً، لتدمير السفن والعربات المدرعة ومخابئ الذخيرة وخزانات النفط.
وعلى إثر إسقاط المقاتلات التركية لطائرة روسية من طراز “سو 24” في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت موسكو عن تزويد طائراتها من طراز “سو-34” بصواريخ جو-جو قادرة على ضرب أهداف جوية عن بعد 60 ميلاً، ويمكن توجيه هذه الصواريخ الذكية عن طريق أجهزة تحكم مربوطة بخوذة الطيارين. ويمكن لصواريخ جو-جو “إيه إيه 10″ و” إيه إيه 11″ استهداف طائرات تحلق على جانبي الطائرة، وتدمير المروحيات والطائرات بدون طيار وصواريخ كروز، واعتراض الأهداف الطائرة التي تسير بسرعة تصل إلى 2000 ميل بالساعة.
ورداً على اسقاط طائرة الركاب الروسية فوق محافظة سيناء المصرية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عمدت موسكو الى نشر صواريخ كروز “كي أتش 101” المعروفة باسم “البجعة البيضاء” التي يصل طول الصاروخ منها 24 قدماً، ويزن 2 طن، ويُمكن إطلاقه عن بُعد 6 آلاف ميل من هدفه.
كما يُمكن لهذا النوع من الصواريخ التحليق المُنخفض لتجنب رادارات العدو، وتصل دقة إصابتها ما بين 25 و30 متراً. ويمكن إطلاق هذا النوع من الصواريخ من موسكو لضرب قاعدة للعدو المفترض في سورية، بحيث يتم توجيه الصاروخ عبر التضاريس بالأقمار الصناعية وباستخدام الخرائط الرقمية التي يتم تحميلها على جهاز الكمبيوتر الخاص بكل صاروخ قبل إطلاقه.
ويُمكن إطلاق صواريخ “كي أتش 101 ” و” كي أتش 55″ من أكبر القاذفات الروسية الاستراتيجية طويلة المدى من طراز “توبوليف 95″، و “توبوليف 160” القادرة على حمل 12 صاروخ كروز “كي اتش 55” و “كي أتش 15”.
كما يضم سلاح الجو الروسي العامل في سورية ثلاثة أنواع من طائرات الهليكوبتر “مي ـ 35أس”، ” مي -24 بي أس” والجيل الجديد من طراز “أم آي 28″، وكلها مُصممة لتنفيذ مهام بحث وتدمير الدبابات والعربات المدرعة.
ويُعتقد أن طائرة “أم آي 28” المعروفة باسم “صائد الليل” هي من القطع الحربية الجديدة التي تم اختبارها في سورية لتدمير الدبابات وغيرها من العربات المدرعة باستخدام 16 صاروخاً جاهزة للعمل أي وقت من اليوم وتحت أقسى الظروف الجوية.
القنابل الذكية
شكل ميدان الحرب في سورية حقل تجارب للصواريخ الروسية الذكية الموجهة بالأقمار الصناعية التي تنطلق بسرعة الصوت. وقد أطلقت المقاتلات الروسية صواريخ ذكية موجهة بالأقمار الصناعية من طراز “كاب 500 أس” لتدمير معاقل “داعش” وفصائل المعارضة في سبتمبر/ أيلول 2015. ويسترشد هذا النوع من الصواريخ بنظام “غلوناس” (جي بي أس) الروسي. ويُمكن إطلاق هذا النوع من الصواريخ من ارتفاعات تتراوح بين 500 و5 ألاف متر، ويمكن أن يُحلق الصاروخ بسرعة الصوت ويضرب الهدف بدقة تتراوح بين 7 الى 12 متر.
القوة البحرية
يشكل أسطول البحر الأسود “مظلة” سلاح البحرية الروسي ويضم أهدأ غواصة في العالم. يضم أسطول البحر الأسود الروسي في مياه شرق البحر المتوسط ما لا يقل عن عشرة سفن يتقدمها طرادات “سلافا” الحاملة للصواريخ الموجهة، والتي توفر الخدمات اللوجستية ومظلة للدفاع الجوي في منطقتي اللاذقية وطرطوس. ويشمل الأسطول غواصة ديزل كهربائية معروفة باسم “روستوف على نهر الدون”. وهي الغواصة التي استهدفت في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني مواقع لـ”داعش” في الرقة بعدد من صواريخ كروز “كاليبر”. كما انضم للأسطول في أواخر ديسمبر/ كانون الأول عام 2014، الغواصة ” فارشافيانكا”، التي تعتبر واحدة من أهدأ الغواصات في العالم. وتعرف الغواصة الشبح باسم “الثقب الأسود” لصعوبة اكتشافها، وهي الغواصة الثانية من أصل ستة غواصات يُنتظر أن تلتحق بأسطول البحر الأسود قبل نهاية العام 2016.
سلاح البر
يُمكن للدبابات الروسية إيقاف “أي صاروخ في العالم” والتصدي لهجمات من 24 زواية. وقد أرسلت روسيا إلى سورية حوالي 24 دبابة من طراز “تي – 90” شاركت بشكل فعال في دحر قوات المعارضة حول حلب. وتعد الدبابات من طرار “تي -90” الأكثر تطوراً في الترسانة الروسية، وهي مزودة بنظام صواريخ مضاد للدبابات يمكنه اعتراض أي صاروخ في العالم. وهي مُجهزة أيضاً بمدفع قذائف 125 ميليمتر، وصواريخ “إيه تي 11” القادرة على تدمير الدبابات وطائرات الهليكوبتر منخفضة الطيران.
كما نشرت روسيا ضمن قواتها البرية صواريخ أرض- جو “أس آيه 17” المعروفة باسم “الدب”، والقادرة على ملاحقة 24 هدفاً تطير من أي اتجاه في وقت واحد، كما يمكنها اسقاط الطائرات الاستراتيجية والتكتيكية وصواريخ كروز والصواريخ الجوية والقنابل الموجهة والطائرات المروحية. وعززت روسيا قوتها البرية برادارات التشويش “كراسوخا 4” لتعطيل الرادارات وحتى الأقمار الصناعية. ويعتبر جهاز التشويش هذا أحدث أنظمة الحرب الإلكترونية في الترسانة الروسية، وهو متعدد الوظائف، يمكنه تعطيل الرادارات الأرضية والرادارات المحمولة جواً (وخصوصا أنظمة أواكس) والأقمار الصناعية ذات المدار الأرضي المنخفض.
العربي الجديد