الأسبوع الماضي، أطلقت الغواصة «روستوف على الدون» عدداً من صواريخ «كاليبر به أل» من السواحل السورية على مواقع تنظيم «داعش». ودعا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وزارة الدفاع الروسية إلى تحليل نتائج عملية الإطلاق الأولى من نوعها. وقبل أسابيع، أطلقت البحرية الروسية عدداً من الصواريخ المجنحة، «كاليبر – 3أم-14» من بحر قزوين. ويبدو أن هذه الصواريخ فعالة، سواء أطلقت من عمق البحر أو فوقه، والدليل الإصابات الدقيقة للأهداف.
وإلى وقت قريب، كان يُعتقد بأن مدى «كاليبر» هو 300 كلم فحسب، لكن هذا مدى النسخة المعدة للتصدير والتي يخضع تصنيعها لمعايير معاهدة حظر انتشار تكنولوجيا الصواريخ. في الواقع، يبلغ مدى صواريخ «كاليبر»، التي أطلق عليها شركاؤنا الغربيون اسم «المحرقة»، على الأقل 2000 كلم، أمّا دقتها في هذه المسافة فتثير الإعجاب، إذ لا تتجاوز نسبة الخطأ (الانحراف) 3 أمتار.
واضح أن التدخل الروسي في سورية التي صارت حقل تجارب روسية لاستخدام صواريخ كروز، هو في مثابة رسالة في المقام الأول إلى أولئك الذين يعتقدون بأن روسيا تخلفت عن القوى العسكرية الرائدة، وخاصة في مجال الأسلحة العالية الدقة. وكانت يوغوسلافيا والعراق حقل تجارب أميركياً. ولم يخفَ أن الناتو كان يستهدف موسكو من طريق قصف بلغراد ومحو بغداد: فهو أبلغها رسالة واضحة: روسيا تتخلف عن الغرب اقتصادياً وعسكرياً.
بناء القدرات العسكرية الروسية باهظ الكلفة، إذ بلغت الموازنة العسكرية الروسية، عام 2014، 4.5 في المئة من الناتج المحلي. وأكد رئيس الوزراء ديميتري ميدفيديف، أن عملية تجديد 70 في المئة من سلاح الجيش والبحرية الروسية تمضي على قدم وساق، وتنتهي في 2020. وإلى حين إسقاط طائرة «سو-24» الروسية، كان المجال الجوي فوق مطار حميميم (السوري) محمياً بواسطة منظومة صاروخية- نظام مضاد للطائرات «قذيفة-C1». اليوم، وبعد نشر منظومة «أس-400 انتصار»، لم تعد الطائرات التركية تغامر بالاقتراب من الحدود السورية.
وعلى المستوى الرسمي، لا يجمع بين أميركا وروسيا حلف، لكنهما شريكتان في مكافحة «داعش»، وتنسّقان الطلعات الجوية. أمّا في المسائل الأخرى، فإن كلا الطرفين يراقب قدرات غريمه القتالية.
خلاصة القول إن روسيا تحمل «مفاجآت» كثيرة لشركائها في مكافحة «داعش»، ولكن من الأفضل ألا تستخدم هذه الأسلحة أبداً.
الحياة