بات تواجد النظام المجسّد بحواجزه ومعسكراته ونقاط تمركزه في مدينة حماة السورية آمراً مألوفاً لدى أهالي المدينة والقاطنين فيها، فعلى مرّ خمسة أعوام اعتاد الأهالي تواجد أكثر من 240 حاجزاً في المدينة، لتقطع هذه الحواجز مناطق حماة عن بعضها وتفصلها بحواجز ونقاط تمركز تتبع لأفرع المخابرات السورية، يقوم النظام من خلالها بتفتيش الأهالي والبحث عن المطلوبين من خلال تفتيش البطاقات الشخصية وقوائم المطلوبين التي بحوزتهم.
كما اعتاد الأهالي بحسب الناشط كرم الحاج الميداني في مدينة حماة على عادات وتقاليد خاصة بحواجز النظام يجب تطبيقها لدى مرورك على أي حاجز من حواجز النظام، في البداية، وعند تقدمك باتجاه الحاجز يجب إطفاء أنوار السيارة بشكل كامل وتشغيل إضاءة السيارة من الداخل والتقدم بوجه مبتسم إلى الحاجز العسكري الذي يقف عليه غالباً عنصران من عناصر أفرع المخابرات، ومن ثم إلقاء التحية على عناصر الحاجز متمثلة بيعطيك العافية أو مساء الخير وإيّاك وذكر السلام عليكم فعندها من الوارد كثيراً اعتبارك من الإرهابيين والإسلاميين وقد حصلت مع الكثيرين.
ويتابع كرم، بأن إلقاء التحية يعقبها طلب البطاقة الشخصية لجميع من في السيارة من نساء ورجال، وطلب دفتر خدمة العلم “دفتر العسكرية” للشبّان المتواجدون في السيارة، لتبدأ عملية “التفييش” وهي اتصال عناصر الحاجز بالفرع الأمني الذي يتبع إليه وطلبه للبحث عن أسماء أصحاب البطاقات الشخصية
إن كانوا من المطلوبين للنظام أم لا وهو ما يسمى في سوريا بالفيشة.
وهنا وبعد عدّة دقائق من وقوفك على الحاجز بانتظار إخلاء سبيل بطاقاتك الشخصية من يدي عنصر الأمن بعد إخباره بـ “لا” والتي تعني بأن أصحاب هذه البطاقات ليسوا من المطلوبين يبدأ العنصر بتفتيش السيارة وخاصة من الخلف وإمرار جهاز للكشف عن المتفجرات على كامل السيارة، بعدها يسمح للسيارة بالذهاب، لتواجه هذه السيارة حاجزا آخر بعد مئات من الأمتار ليعاد ما تم فعله على الحاجز السابق وهكذا، وبذلك أصبح الأهالي بحاجة لأكثر من 45 دقيقة للنزول من منازلهم إلى أقرب منطقة للتسوق في مدينتهم، و45 دقيقة أخرى للعودة إلى منازلهم.
ويقول مهند أحد سكان مدينة حماة لـ”العربية نت” بأن جميع ما يقوم به النظام على حواجزه أصبح معتاداً لدى الأهالي إلى حدّ ما، ولكن طلب عناصر الحواجز للمال والطعام والشراب من جميع السيارات والماريّن عبر حواجزهم هو ما لا يمكن التأقلم معه من قبل الأهالي الذي تسود الحالة المادية المتوسطة والفقيرة عليهم، فكل مار عبر أي حاجز من حواجز النظام يخضع لطلبات المئتي ليرة سورية أو شراء علبة سجائر من أفخر الأنواع أو شراء وجبة طعام من المأكولات الجاهزة أو مشروبات غازية وأحيانا مشروبات روحية، وكل سيارة تمر عبرهم ولها طلبها وذلك يتبع لنوع السيارة المارّة إن كانت فاخرة أم لا وعلى ذلك يتم تصنيف الطلب من أصحابها.
ويضيف مهند، بأن رفض الأهالي لتلبية أي طلب لعناصر حاجز ما، فلربما يقوم العنصر بكسر بطاقتك الشخصية التي ستعود عليك بالويلات الأمنية لاحقاً، أو ربما يتصل بنقطته العسكرية ويدعّي باعتدائك عليه كما حصل من كثير من الأهالي منذ شهور، ولربما يطلب منك الوقوف على حافة الطريق ربما من الصباح إلى المساء لتنتظر أن يعيد بطاقتك الشخصية إليك، وكل هذا من ضمن صلاحياته الممنوحة له من قبل النظام دون رادع.
كما يكشف أحد مسؤولي توثيق انتهاكات النظام في حماة محمد لـ”العربية.نت” بأن عائدات كل حاجز من حواجز حماة تبلغ ما يقارب مئة ألف ليرة سورية في كل يوم 200 دولار ومنها أكثر من ذلك بكثير، أما الحواجز التي تقع على أطراف ومداخل المدينة فقد تصل إلى نصف مليون ليرة سورية وأكثر.
ويشير محمد إلى أن هذا جميعه ينطبق على السيارات المدنية غير المحملة بالبضائع، فيما إذا كانت محملة بالبضائع فيجب على السائق إنزال جميع بضاعته على الأرض وفرشها أمام العنصر لكي يقوم بتفتيشها على مهل، من ثم يقوم العنصر بطلب ألفي ليرة سورية كحدّ وسطي ليسمح له بالعبور، ليكون إيصال البضاعة من منطقة لأخرى يحتاج لأكثر من 12 ألف ليرة سورية فقط كخوة نقل، وهذا ما يجعل من أسعار البضائع في حماة وغيرها من مناطق سيطرة النظام مرتفعة لضعفين أو ثلاثة.
فيما أن حواجز النظام التي من المفترض أن تكون لحماية الأهالي والساكنين في أحياء حماة، هي ذاتها من تقوم باختطاف أبناء هذه الأحياء وسرقة سياراتهم عقب جمع معلومات العائلات الثرية وملاحقتها، كما يحصل في كل آونة خاصة في أحياء الشريعة والقصور وغيرها.