تناقلت الصحف العالمية أخبار الجنوب والشمال السوري بوتيرة عالية وحللت المواقف السياسية من الدول المعنية بالشأن السوري وعلى رأسها روسيا وتركيا وإسرائيل ولكن لم تشر إحداها إلى رؤيا شاملة للوضع في سوريا.
وبداية من الصحف التي تناقلت أخبار الجنوب فقالت صحيفة أمريكية في وقت سابق من شهر تموز عن إبرام “صفقة” بين روسيا وإسرائيل حول سوريا، وبحسب “واشنطن بوست” فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توصلا قبل لقاء الرئيسين الروسي والأمريكي في هلسنكي في 16 يوليو/تموز إلى اتفاق تعترف بموجبه إسرائيل بسيطرة الجيش السوري على محافظات درعا والسويداء والقنيطرة في الجنوب السوري وتلتزم باتفاق فض الاشتباك الصادر في عام 1974 مقابل أن تتعهد موسكو بإقناع إيران بألا تقترب قواتها من الحدود السورية الإسرائيلية على مسافة تقل عن 80 كيلومترا، وتَعِدُ بعدم الاعتراض عندما تقصف إسرائيل أماكن وجود أسلحة إيرانية في الأراضي السورية.
وفي سياق متصل نشرت الوكالة الإيطالية “آكي” نقلاً عن “مصادر في المعارضة السورية شديدة الصلة بروسيا”: أنه “سيتم إرسال شرطة عسكرية روسية تُشرف على الأمن بشكل عامّ في المنطقة بالتنسيق مع شرطة عسكرية سورية”.
وبحسب نفس الصحيفة فإن روسيا وجّهت تحذيراً لميليشيات النظام وإيران بضرورة الانسحاب من القرى والبلدات التي سيطرت عليها مؤخراً والواقعة ضِمن الحدود الجغرافية للاتفاقية الموقعة بين الفصائل وروسيا
وأكدت أن روسيا حينها “منحت فصائل المعارضة المسلحة المتحالفة الآن معها الحق بإطلاق النار على أي عنصر من عناصر النظام يتواجد في غير المناطق التي حددها الروس بدقة لفصائل المعارضة هذه” ولكن فصائل المعارضة سلمت مناطق الجنوب للنظام وتم تهجير كل من رفض المصالحة مع النظام كما رأينا.
وأما بالانتقال إلى الصحف التي تناولت موضوع الشمال السوري نرى سعي تركي حثيث بالاتفاق مع روسيا لإخراج النظام السوري والإيرانيين من حلب وريفي إدلب وحماة ووضعها تحت الوصاية التركية، على شاكلة الاتفاق التركي الأمريكي القاضي بوضع خارطة طريق بشأن منبج وإخراج قوات سوريا الديمقراطية منها.
وبحسب صحيفة “يني شفق” التركية فإنّ تركيا وروسيا قد أبرمتا اتفاقاً بشأن مدينة حلب يقضي بسحب قوات النظام السوري والقوات الإيرانية منها وإحلال القوات التركية بدلاً عنها ووضعها تحت الإدارة التركية المباشرة كما إدلب وعفرين ودرع الفرات.
وأشارت الصحيفة التركية أنّ ذلك سيكون كفيلاً بإعادة 3 ملايين لاجئ سوري في تركيا إلى منازلهم بالإضافة للاجئي أوربا وذلك من خلال إعادة إعمار المدينة.
لفايننشال تايمز نشرت موضوعا شارك في إعداده مجموعة من مراسليها وصحافييها بعنوان “روسيا تدفع الغرب للتعاون مع الأسد” موضحة أن هذا هو ما سيحدث في الفترة المقبلة التي سمتها “فترة ما بعد الحرب”.
وتقول الجريدة إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أطلق مشروعا للتعاون مع الغرب في تدشين حملة لتوزيع المعونات في المواقع التي تسيطر عليها القوات الحكومية في سوريا فيما يعد بمحاولة لإقناع أوروبا والولايات المتحدة بالتعاون مع نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، خلال فترة ما بعد الحرب الأهلية.
ونقلت التايمز عن نيكولاي كوزانوف خبير شؤون الشرق الأوسط في جامعة سان بطرسبورغ الروسية قوله إنه من الواضح أن من مصلحة موسكو أن تجر بقية البلدان إلى المشاركة في مبادرات تؤدي إلى تطبيع تدريجي في التعامل مع نظام الأسد بحكم الأمر الواقع.
وتقول الصحيفة إن جهود موسكو من الواضح أنها بدأت تثمر بعدما أقنع الجيش الروسي فرنسا بإرسال شحنة من المعونات إلى غوطة دمشق التي سيطرت عليها قوات النظام قبل 3 أشهر بعد حصار مرير وهجمات باستخدام السلاح الكيماوي، لتصبح فرنسا أول دولة من أعضاء الاتحاد الأوروبي تستجيب لمبادرة بوتين.
وبهذا نرى أن روسيا تسعى جاهدة للحفاظ على مصالحها وتدوير ورقة الأسد في المجتمع الدولي ويقابله ردة فعل تركيا لبسط نفوذها على الشمال باتفاق مع روسيا على عكس روسيا التي تسعى جاهدة لانتزاع ورقة انتصارها في سوريا من الدول العظمى.
مجلة الحدث –مخلص الاحمد