الأربعاء 6/5/2015
المركز الصحفي السوري – عاصم الإدلبي
بالنظر إلى اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي وفرنسا أمس في الرياض ظهرت عدة ملامح بأن هناك تحركاً ما يجري التخطيط له في سوريا على الصعيدين السياسي والعسكري، وخاصة بعد التقارب الذي حصل مؤخراً بين المثلث الأكثر فعالية في الأزمة السورية ( قطر – تركيا – السعودية) والتناغم الكبير بين الدول الثلاث فيما يخص الوضع السوري.
إن عملية عاصفة الحزم التي قامت بها المملكة العربية السعودية في اليمن قد جعلت الأوراق تختلط مرة أخرى في الشرق الأوسط، فالسعودية لم تعد تتبع السياسة نفسها التي كانت تنتهجها في عهد الملك عبدالله بل أصبحت أكثر واقعية في مقارباتها للأوضاع الحساسة والمفصلية التي تمر بها المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط خصوصاً.
يكثر الحديث الآن عن جهد تركي قطري سعودي لإحداث تغيير نوعي في ميزان القوى على الأرض في سوريا يكون سبباً فاعلاً في الضغط على النظام السوري وحلفائه الإيرانيين والروس، فالعملية الأخيرة التي قامت بها المعارضة السورية المسلحة في شمال سوريا، والتي أدت إلى سيطرتها على مدينتي إدلب وجسر الشغور الاستراتيجيتين، وفتح الطريق إلى الساحل لنقل المعرك إلى معقل الأسد ومؤيديه من الطائفة العلوية، هذه العملية لم تكن لتنجح بهذه الطريقة لولا توحد الفصائل المسلحة على الأرض من جهة وكذلك توحد الأطراف الإقليمية الداعمة من جهة ثانية، والحديث عن تكثيف الدعم العسكري للمعارضة السورية .
بعد تشكيل “جيش الفتح” في إدلب أعلنت جبهة النصرة أمس تشكيل “جيش الفتح القلمون” الذي يضم عدداً من الفصائل الإسلامية والجيش الحر في المنطقة، وذلك لخوض معركة كبرى في القلمون ضد ميليشيات حزب الله اللبنانية وقوات الأسد وتحقيق نصر عسكري استراتيجي كبير آخر في ريف دمشق الشمالي، والذي من الممكن أن يشكل من الناحية الاستراتيجية فصلاً جغرافياً بين محافظة حمص شمالاً والعاصمة دمشق جنوباً، هذا التحول –إن حدث- ستكون له تداعيات عسكرية كبيرة لجهة تحقيق نصر عسكري نوعي، وهذه المرة سيكون مختلفاً عن الانتصار في معركة إدلب شمالاً، وذلك لأنه في حال الانتصار في هذه المعركة ستكون كتائب الثوار على مشارف العاصمة دمشق ، وسيشكل ضربة عسكرية قاسية لميليشيات حزب الله اللبنانية التي تعتبر منطقة القلمون عمقاً استراتيجياً لها لقربها من الحدود المشتركة السورية اللبنانية.
بعد اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي أمس في الرياض مع الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند خرج وزير الخارجية القطري خالد العطية ليدلي بتصريح حول جدول الأعمال التي تخص القمة وقال فيما يخص الأزمة السورية ما يلي:” قادة الدول يدعون المجتمع الدولي إلى اتخاذ كافة الإجراءات التي تنهى الأزمة والتأكيد على الحل السياسي والترحيب بمؤتمر دولي بالرياض للمعارضة السورية لوضع خطة إدارة المرحلة الانتقالية لما بعد بشار الأسد”، والتصريح السابق الصادر عن دول مجلس التعاون الخليجي لم يكن بهذا الوضوح من قبل لجهة الحديث عن جمع أطياف المعارضة لبحث” مرحلة انتقالية لما بعد بشار الأسد” كما تعودنا سابقاً بالحديث عن وقف المذابح بحق الشعب السوري ووقف قصف المدنيين بالبراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية والمحرمة دولياً دون القيام بأي خطوة فعالة بهذا الاتجاه، لكن على ما يبدو أن الأمور بدأت تتغير منذ تولي الملك سلمان الحكم في السعودية ومحاولته إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة العربية خصوصاً ومنطقة الشرق الأوسط خصوصاً.
علينا الانتظار أسابيع لنرى مدى فعالية هذه الخطوات التي يتم الحديث عنها وإذا ما كانت فعلاً هناك نية لدى هذه الأطراف لفعل شيء في سوريا، ولا ننسى هنا الموقف الأمريكي الذي ما زال متردداً، وبالرجوع إلى التصريحات الأمريكية الأخيرة نجد تذبذباً واضحاً حيال اتخاذ موقف في سوريا، حيث أعلنت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سامنثا باور أمس الثلاثاء أن مشكلة تنظيم الدولة في سوريا ومناطق أخرى من الشرق الأوسط لن تلقى حلا طالما أن الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، وقالت سامنثا باور في مقابلة أجرتها معها شبكة بي بي اس التلفزيونية العامة، إن “الرئيس باراك أوباما على قناعة راسخة بأنه لا يمكن معالجة مشكلة تنظيم الدولة بشكل دائم طالما أن مشكلة الأسد لم تلق حلاً.
تعودنا من خلال التصريحات الأمريكية أنها غير ثابتة ولا يوجد موقف واضح وأنها تتماهى مع المصلحة الأمريكية فقط دون أي اعتبار لأكثر من ثلاثمئة ألف سوري قتلوا خلال الصراع السوري، ولكن السياسة الأمريكية في عهد أوباما اعتمدت على ما تسميه “الحوار” و”المفاوضات العبثية” لحل الأزمات الدولية، هذه السياسة وضعت الولايات المتحدة في مواقف حرجة خصوصاً فيما يخص الأزمة السورية المستمرة منذ خمس سنوات.
لكن أياً يكن الموقف الأمريكي فإن أي خطوة جادة من قبل المثلث السعودي التركي القطري ستكون بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية، لأن الرئيس الأمريكي أعلنها صراحة أنه سيكون مع أي خطوة في سوريا على غرار الخطوة التي قامت بها المملكة العربية السعودية في اليمن، وذلك لرفع معاناة الشعب السوري .
المركز الصحفي السوري