نشرت صحيفة سلايت الفرنسية تقريرا حول أجهزة الاستخبارات في الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا، وتعرضت إلى العامل المادي والبشري الذي يصنع الفرق بين الأجهزة، ويجعل الولايات المتحدة تحتل المرتبة الأولى عالميا، فيما تحتل بريطانيا المركز الأول أوروبيا، بينما تشهد فرنسا تراجعا مستمرا في ظل تسجيل حضور قوي لروسيا وألمانيا.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته “عربي21″، إن التسريبات الأخيرة التي نشرتها ويكيلكس، والمتعلقة بعمليات التجسس التي وقع ضحيتها عدد من الرؤساء الفرنسيين، توضّح القدرات الكبيرة للاستخبارات الأمريكية، وتؤكد أن التفوق في هذا المجال على النظير الأوروبي يعود أساسا إلى العامل المادي والبشري.
وأكدت الصحيفة أن الوثائق التي سربها إدوارد سنودن، المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأمريكية، سلطت الضوء على حجم واستعمالات الميزانية السرية المخصصة لبرنامج الاستخبارات الوطني، البرنامج المخصص للتجسس على بلدان ما وراء البحار.
كما أفادت أن هذه الوثائق قد مكّنت المجتمع الدولي من اكتشاف الميزانية المحدّدة لوكالة الاستخبارات المركزية (جهاز الاستخبارات المكلف بجمع المعلومات خارج البلاد)، والتي قدرت بحوالي 14.7 مليار دولار، من أصل 63.5 مليار دولار مخصصة لمجموع 17 جهاز استخبارات، بحسب الوثائق الرسمية المنشورة في 2007. وأكدت أن الحكومة الأمريكية صرحت بأنه سيتم الترفيع في الميزانية بعد تراجع شبه متواصل إمتد على خمسة سنوات.
وأشارت الصّحيفة إلى أنه قد تتم زيادة الميزانية إلى أقصى الحدود الممكنة، استجابة لطلبات وكالات الاستخبارات التي ستخصصها للموارد المالية والبشرية مثل الأجور، وبرامج التدريب، والحواسيب المتطورة، والأقمار الصناعية، والأجهزة الخاصة بالاستعمالات المخابراتية.
ولفتت إلى أن مجموع العاملين في وكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي؛ بلغ 107 ألف عامل، أي أكثر من مجموع العاملين بشركة توتال الفرنسية التي تعد من أكبر الشركات النفطية، على سبيل المقارنة.
وقالت إنه لا وجه للمقارنة بين مستوى أجهزة الاستخبارات الأمريكية ونظيرتها الفرنسية، بالرغم من محاولة الحكومة الفرنسية استدراك الأمر من خلال مصادقتها على مشروع قانون خاص بالاستعلامات في 24 حزيران/ يونيو، حيث يصنع العامل المادي والبشري الفرق. كما ذكرت أن فرنسا تعتمد على ستة وكالات للاستعلامات؛ أهمّها الإدارة العامّة للأمن الخارجي، والإدارة العامّة للأمن الداخلي، والإدارة العامّة للاستخبارات المركزية والتي يعمل ضمنها 11700 عامل، منهم 5 آلاف يعملون في الإدارة العامّة للأمن الخارجي، وميزانية تقدر بحوالي 1.2 مليار.
وقالت الصحيفة إنّه بالرغم من تواضع الإمكانيات البشرية والمادية لوكالات الاستعلامات الفرنسية إلا أن البلاد تتمتع بثالث شبكة من السفارات في العالم، بعد الولايات المتحدة والصين، ما يوفر لها إمكانية إنشاء مراكز متعددة للتجسس مثلما فعلت الحكومة الأمريكية حين سمحت بتحويل سفارتها بباريس إلى محطة تجسس.
أما في الشأن البريطاني، فقد أكدت الصحيفة اعتماد المملكة على جهاز الاستخبارات البريطاني أو “إس آي إس”، بشقيّه “إم آي 5” و”إم آي 6″، إضافة إلى جهاز جديد تم الكشف عنها خلال التسريبات التي قام بها إدوارد سنودن، وهي مجموعة مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية التي تعمل على اعتراض المكالمات. وكانت هذه المؤسسات الثلاث تقوم بتشغيل 13293 عامل في سنة 2012، أي أكثر من عدد العاملين بالوكالات الفرنسية مجتمعة.
كما أضافت أن بريطانيا تعتمد على ستة أجهزة أخرى للاستخبارات، بميزانية عامة تصل إلى 2.8 مليار يورو، دون اعتبار لمبلغ 140 مليون يورو الذي قامت وكالة الأمن القومي بتحويله إلى رصيد مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية بين 2010 و2013.
وبحسب الصحيفة، امتلكت ألمانيا في الماضي أنجع نظام استخباراتي على مدى الزمن، وهو نظام أمن الدولة المعروف بشتازي. ولكنها تعتمد، منذ إعادة توحيدها في سنة 1989، على ثلاث وكالات استعلامات أهمها دائرة الاستخبارات الاتحادية، التي تم اتهامها مؤخرا بالتجسس على فرنسا لصالح الولايات المتحدة، ودائرة الاستخبارات العسكرية المضادة، والمكتب الاتحادي لحماية الدستور.
ونقلت الصحيفة عن المركز الفرنسي للبحوث حول الاستعلامات، أن ألمانيا ستقوم بتوظيف 16500 عامل جديد في هذا المجال، منهم 7500 عامل لدائرة الاستخبارات الاتحادية التي تلقت 615 مليون يورو في 2015.
وقالت الصحيفة إن الميزانيات المخصصة للاستعلامات في البلدان الأوروبية المجاورة لفرنسا وألمانيا وبريطانيا تعتبر ضئيلة جدا، مقارنة بهذه الدول وحتى بالنسبة لروسيا، التي يعتبر عدد عامليها في دائرة الأمن الاتحادي الروسي هو الأكبر في أوروبا.
عربي21