وفقاً The Wall Street Journal فإنَّ الشركات المرتبطة بيوسف العتيبة تلقَّت 66 مليون دولار من شركات خارجية قال المحققون في الولايات المتحدة وسنغافورة إنَّها تضمَّنت أموالاً مختلسة من صندوق تنمية ماليزيا (1Malaysia Development Bhd)، وهو صندوق ثروة سيادي.
ولم تكن هناك إفصاحات عامة عن الغرض من التحويلات، ورفض يوسف العتيبة الذي يعتبر الرجل الأكثر تأثيرا في واشنطن التعليق.
بريد العتيبة
تقول The Wall Street Journal إن رسائل البريد الإلكتروني التي كتبها يوسف العتيبة، واخترقتها مجموعة معارضة وسرَّبتها إلى مؤسسات إخبارية تضمنت وصفاً للقاءات بين شاهر عورتاني، وهو شريك تجاري ليوسف العتيبة في أبوظبي، والمُموِّل الماليزي جو لو، الذي تقول وزارة العدل إنَّه المتآمر الرئيسي في عملية الاحتيال المزعومة التي تبلغ قيمتها 4.5 مليار دولار. تجدر الإشارة إلى أنَّ “العتيبة” و”لو” كانا شركاء منذ أوائل 2000، وأشار “لو” إلى صداقته مع العتيبة في مقابلاتٍ على مدار السنين.
والعتيبة، الذي تولى منصبه كسفير للإمارات في أميركا منذ عام 2008، معروفٌ بأنَّه واحدٌ من أكثر الدبلوماسيين نفوذاً في واشنطن، ويظهر بشكلٍ متكرر في فعالياتٍ سياسية رفيعة المستوى، ويشارك باستمرار في دائرة الحوار الأميركية. ويعمل العتبية دائماً للحرص على اصطفاف إدارة ترامب مع الإمارات، بسبب العلاقات الاقتصادية التي تربط الإمارات بترامب.
السفارة الإماراتية تعلق
من جانبها، رفضت المتحدثة باسم السفارة الإماراتية في واشنطن التطرُّق إلى أدلة التحويلات المالية، واعتبرت رسائل البريد الإلكتروني المسرَّبة جزءاً من حملة ضد الإمارات العربية المتحدة.
وفق الصحيفة قالت المتحدثة إنَّ “السفارة الإماراتية تلاحظ وجود العديد من الملفات المدبرة التي أعُدت فى الأسابيع الأخيرة لاستهداف السفير والتي يزعم أنها تحتوي على رسائل إلكترونية مخترقة”.
وأضافت “نلاحظ أيضاً تزامن الاتهامات مع دور الإمارات العربية المتحدة في القطع الحالي للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع دولة قطر. ونتيجةً لذلك، لن نتحدث عن أيٍ من هذه الملفات أو نرد عليها”.
العتيبة له مصالح تجارية إلى جانب عمله الدبلوماسي
في تقرير The Wall Street Journal دافع مسؤولٌ كبير في أبوظبي، عاصمة الإمارات العربية المتحدة، عن المصالح التجارية الخاصة ليوسف العتيبة، إلا أنَّه رفض تناول المعاملات التي يزعم أنَّها مرتبطة بصندوق تنمية ماليزيا.
وقال: “كما هو الحال لدى العديد من الدبلوماسيين الأجانب، فإنَّ السفير لديه مصالح تجارية خارج مهامه الرسمية. وقد بدأت مصالحه التجارية قبل فترةٍ طويلة من حياته الدبلوماسية”.
ولم يستجب شاهر عورتاني، الشريك التجاري للسفير الإماراتي، لطلبات التعليق.
أكبر عملية احتيال بالتاريخ
تجدر الإشارة إلى أنَّ التحويلات المرتبطة بيوسف العتيبة هي أحدث فصل في القصة الطويلة لفضيحة صندوق تنمية ماليزيا، والتي تحولت من مجرد تعرض صندوق ماليزي لمشاكل الديون أوائل عام 2015 إلى ما وصفه المحققون بأنَّها واحدة من أكبر عمليات الاحتيال في التاريخ.
وقد رفعت وزارة العدل الأميركية دعاوى مدنية تسعى إلى مصادرة ما يقرب من 1.7 مليار دولار من الأصول التي يُزعَم أنَّها مشتراة بالمال المختلس من صندوق تنمية ماليزيا من قِبل مجموعة من المتآمرين في مقدتمهم “لو”. وتشمل هذه الأصول حصة “لو” في فندق بارك لين في نيويورك، وحقوقه في بعض الأرباح في فيلم “The Wolf of Wall Street” وغيره من الأفلام، ومجوهرات، ويخت تبلغ قيمته 250 مليون دولار.
كما ذكرت السلطات فى كلٍ من لوكسمبورغ، وهونغ كونغ، وسنغافورة، وسويسرا أنَّها تحقق فى ادعاءاتٍ بحدوث عمليات احتيال وغسيل أموال مرتبطة بصندوق تنمية ماليزيا.
وقد وجدت سنغافورة وفق الصحيفة أنَّ العديد من المصرفيين مذنبون في عدم اتباع قواعد غسيل الأموال فيما يتعلق بصندوق تنمية ماليزيا.
من جانبه، نفى الصندوق وجود أى مخالفة، وقال إنَّه لا يوجد أى دليل على تعرض أمواله للاختلاس. وتعهَّد الصندوق بالتعاون مع أي تحقيقٍ قانوني. وقد أغلقت ماليزيا كافة التحقيقات الداخلية التي قامت بها – باستثناء تحقيقٍ واحد – بشأن الصندوق دون التوصُّل إلى أي مخالفات.
ولم يُتَّهم “لو” بجريمةٍ، ونفى ارتكابه لمخالفات.
وقال ممثلٌ للسيد “لو” يوم الجمعة، 30 يونيو/حزيران، إنَّ “لو” واثقٌ تماماً أنَّه عند تقديم الوقائع الفعلية للمحاكم القانونية المناسبة والنزيهة، سيتبين أنَّ هذه القضية معيبة تماماً وتمثل نموذجاً للتجاوز المفرط من قبل بعض السلطات، وهذا يدل على الاعتماد على معلوماتٍ غير معتمدة جُمِعت بشكلٍ غير صحيح، وسُرِّبت بشكلٍ انتقائي لدعم سردية غير مُثبتة دوافعها سياسية. وهذا يخلق صورة متحيزة وغير دقيقة”.
ونهاية العام 2015، بدأ مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (أف بي آي) تحقيقا في اتهامات بغسل أموال في صندوق تنمية ماليزيا (1 أم دي بي) الحكومي المثقل بالديون، وفق ما نقلته رويترز وأعادة نشره وسائل إعلام عربية.
الدفع لشركة تابعة للعتيبة
في سياقٍ متصل، كشفت قضية جنائية سنغافورية ضد مصرفي سويسري عن مبلغ 50 مليون دولار من المدفوعات المقدمة إلى الشركات المرتبطة بيوسف العتيبة، بما في ذلك شركة دينسمور للاستثمار المحدودة في جزر العذراء البريطانية، وشركة سيلفر كوست كونستركشن آند بورينغ في الإمارات العربية المتحدة، كما جاء في تقرير The Wall Street Journal
وفي معرض توضيح قضيتهم ضد المصرفي، وصف المُدَّعون العامون في سنغافورة الدفعات المقدمة إلى الشركتين بأنَّ “القصد منها هو استخدامها في عملٍ قد يشكل سلوكاً إجرامياً”. وأقرَّ المصرفي بأنَّه مذنبٌ لعدم الإبلاغ عن المعاملات الإجرامية المحتملة التي تنطوي عليها تلك الشركات والكذب على السلطات بشأنها.
وأشارت الإجراءات القضائية السنغافورية إلى الشركات، لكنَّها لم تذكر يوسف العتيبة. وفيوثائق منفصلة متعلقة بالتحقيق الذي أجرته سنغافورة بشأن غسل الأموال المزعوم المرتبط بالصندوق، تذكر السلطات سيطرة العتيبة وعورتاني على شركة دينسمور. وتتحدَّث تلك الوثائق وفق The Wall Street Journal عن مبلغٍ آخر قدره 16 مليون دولار من المدفوعات المنفصلة لشركة دينسمور في شكل قروض من شركةٍ متصلة بالاحتيال المزعوم.
ووفقاً لأشخاص مُطَّلعين على المسألة، شارك العتيبة وعورتاني في تأسيس شركتي سيلفر كوست كونستراكشن ودينسمور. ورفض ممثلو سيلفر كوست التعليق. وكانت دينسمور قد أغُلقت في يناير 2016.
تجدر الإشارة إلى أنَّ رسائل البريد الإلكتروني ليوسف العتيبة، التي حصلت عليها مجموعة تطلق على نفسها “غلوبال ليكيس”، تظهر العديد من التفاعلات بين كلٍ من العتيبة، وعورتاني و”لو”. وقال ممثل المجموعة، الذي يستخدم عنوان بريد إلكتروني ينتهي بالامتداد “.ru”، الذي يشير إلى روسيا، إنَّ مهمة المجموعة “هي تقديم الحقيقة إلى الناس والمجتمع” بسبب تأثير الخليج في السياسة الخارجية الأميركية”.
وفي رسالةٍ إلكترونية مسربة للعتيبة، يتحدَّث عورتاني عن اجتماعٍ عُقد في ديسمبر/كانون الأول 2013 مع “لو”، قال فيه “لو” إنَّ عورتاني والعتيبة سيتلقيان مبالغ نقدية -لم يكشف عنها- قبل نهاية العام عند إتمام صفقة مبنى هلمسلي في مدينة نيويورك في ذلك اليوم. وفي عام 2013، حصل “لو” على حصة قدرها 55٪ في المبنى المكون من 46 طابقاً، المعروف أيضاً باسم فندق بارك لين لو، وباع جزءاً من حصته لشركة “مبادلة للتنمية”، وهو صندوق للثروة السيادية في أبوظبي.
وفق ما جاء في The Wall Street Journal فإنه بتاريخ 5 مايو/أيار 2015، قال مسؤول تنفيذي مالي في دبي، يعمل في شركةٍ يسيطر عليها العتيبة وعورتاني، للعتيبة في رسالةٍ عبر البريد الإلكتروني، إنَّ “لو” قد أمر الرجال بإغلاق حساباتهم في بنك بي سي آي، وهو بنك سويسري خاص قال المحققون في الولايات المتحدة وسويسرا وسنغافورة إنَّه لعب دوراً أساسياً في الاحتيال المزعوم على صندوق تنمية ماليزيا. كما علَّقت شركة دينسمور حساباً في نفس البنك.
وقال المسؤول التنفيذي المالي: “لقد نقل “لو” الأصول الرئيسية والحسابات بعيداً عن بنك بي سي آي، والحسابات المتبقية سيتم إغلاقها/نقلها قريباً.”
وكتب المسؤول المالي أيضاً أنَّ السيد “لو” ناقش شراء بنكٍ في دولة بربادوس لكي يستطيع “لو” إخفاء الأموال فيه، مع تقدُّم شركةٍ استثمارية في دبي يسيطر عليها العتيبة وعورتاني كمشترٍ رسمي.
وأضاف المسؤول التنفيذي وفق The Wall Street Journal: “لقد شعر “لو” بضرورة شراء بنك لتخزين أمواله وكذلك أموال الأصدقاء والعائلة”.