لأنهم يؤمنون بأن السجن للإصلاح و ليس للإهانة، و السجن تأديب و ليس حجب، و أن نزلاء السجن يفقدون حقهم في الحرية فقط و ليس في العيش الكريم، هكذا هي السجون في البلاد الأوربية.
على عكس السجون في سوريا التي تعتبر مكاناً لانتهاك جميع حقوق الفرد و حرياته المشروعة، و معقلاً لإهانة الإنسان و تجريده من كل ما تحمله الإنسانية من معاني وذلك قبل اندلاع الثورة السورية.
في سجن “هالدن” بالنرويج ينفق القائمون عليه ما يقارب المليون دولار على رسومات الحائط والإضاءة والصور لخلق جو من الراحة النفسية للسجناء.
ويعتبر سجن هالدن ثاني أكبر سجن في النرويج بعد أن تم إفتتاحه في 8 إبريل 2010، حيث يتميز بالرفاهية الشديدة داخله من غرف النوم والحمامات والمسابح الخاصة و صالات اللهو واللعب وعيادات خاصة للمرضي إلى جانب الأشجار و المناظر الطبيعية الخلابة.
أما النشاطات والفعاليات في السجن فهي معدة خصيصاً لتنمية المواهب عند السجناء لتعبئة أوقات فراغهم بما هو مفيد، سواءً في حياة السجن أو كمهارات يكتسبونها لما بعدها، و من هذه النشاطات كرة السلة و تسلق الصخور و الركض و كرة القدم.
و أوضح حاكم السجن “آرني ويسلون” لصحيفة الغارديان أن عقوبة السجن لا تستدعي معاملة السجناء مثل الحيوانات، لأن هذا سيدفعهم للتصرف مثل الحيوانات عندما يعودون إلى المجتمع، و بالتالي فإن عقوبة السجن هي ببساطة الحرمان من الحرية فقط وليس من الكرامة.
حيث يعتمدون على مفهوم “العدالة التصالحية” و التي تهدف إلى إصلاح الضرر الناجم عن الجريمة بدلاً من معاقبة السجناء و يركز هذا النظام على إعادة تأهيل السجناء.
ومع مقارنة سجن النرويج مع نظيره في سوريا نجد أن النظام يعتمد على معاقبة السجين أشد عقاب دون النظر إلى جريمته سابقاً، أما في ظل الثورة السورية عام 2011 قام النظام بحملات اعتقالات كبيرة ولم يسلم من ظلمه أحد، سواء كان له علاقة بالأحداث في سوريا أو لا، ولم يميز عناصر الأمن بين رجل أو امرأة أو طفل، فالجميع كان تحت وطأة بطشه وعدوانه.
وتستخدم وسائل تعذيب عديدة إن كانت جسدية تصل إلى الاغتصاب , أم نفسية لتجبر المعتقل على الانهيار و(الاعتراف) بما يريدونه، و يستخدمون فنون التعذيب التي لم يشهدها بشر على وجه المعمورة , فمن طريقة الشبح والصلب و كرسي الكهرباء والضرب بالكابلات المعدنية حسب تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان وهذا كله يندرج ضمن أساليب التعذيب الجسدي.
تقول “سارة” و هي معتقلة سابقاً عند النظام : ” عندما طلبت من عنصر الأمن ألا يضربني على ساقي المعاقة كي لا يكسر السيخ الذي فيها، فكثف الضربات عليها حتى لم أعد أشعر بها بعد أن سمعت صوت السيخ ينكسر”.
أما التعذيب النفسي فيبدأ بتجميع المعتقلين في زنزانة صغيرة وتجويعهم لفترات طويلة وعدم السماح لهم بالذهاب إلى المرحاض والتهديد بالاغتصاب أو بإجباره على مشاهدة زملائه يغتصبون ومشاهدة الناس عراة وصولاً إلى إيهام المعتقل بأنه سيخرج في اليوم التالي ثم تعذيبه بدل الإفراج عنه أو بالادعاء بأنه سيُعدم في اليوم التالي لتبقى أعصابه مشدودة هو ورفاقه المعتقلين داخل الزنازين ليلة كاملة .
يقول ناشط معتقل : ” لا شيء مما قرأته أو سمعته عن روايات الشعوب الأخرى كان بإمكانه أن يحضرني لتجربة الاعتقال الرهيبة التي مررت بها، و اكتشتفت بعدها أن هناك عالماً مرعباً موجوداً في سوريا”.
هناك أربعة أجهزة أمنية في سوريا، وكل منها يبذل أقصى جهده ليثبت أنه أكثر عنفاً من الأجهزة الأخرى، و يوجد أكثر من مئة سجن ومركز اعتقال في أنحاء البلاد، بينها سجنا عدرا وصيدنايا قرب دمشق، و سجن تدمر.
تقول ناشطة في مجال حقوق الإنسان : ” في الفروع نوعية الطعام سيئة جداً و محدودة، الطبابة معدومة، و نادراً ما يتلقى المعتقل مساعدة طبية، عندما يصاب بكسور أو بجلطة قد ينقلونه إلى المشفى العسكري الذي هو مثل الفرع تماماً، يقوم الممرضون فيه بدور السجانين ويستخدمون الضرب و الإهانات”.
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً ذكرت فيه أن عدد المعتقلين يبلغ قرابة 200 ألفاً، ومن بين المعتقلين 9000 معتقل دون سن الثامنة عشرة , وحوالي 4500 امرأة.
و حسب المرصد السوري لحقوق الانسان أن أكثر من 13 ألف سجين قضوا نتيجة التعذيب داخل هذه السجون، بالإضافة إلى وجود آلاف المفقودين الذين لا يعرف مصيرهم.
وبهذا لا نجد مجالاً للمقارنة بين سجون النظام، و سجون أوروبا و أمريكا، ففي النرويج يطلقون على سجونهم ” سجن خمس نجوم”، و هنا في سوريا أيضاً سجن بخمس نجوم ولكن “نجوم الضهر” وهذه كناية يستخدمها السوريون عن شدة الإذلال والتعذيب الذي يتلقاه السجين أو المعتقل داخل أقبية النظام السوري.
ظلال سالم
المركز الصحفي السوري