تتوالى المجازر والاستعصاءات في السجون السورية في ظل نظام كانت الرعاية والحاضنة الأولى للعنف والهمجية فيه زمن الأب حافظ وخلفه الابن بشار ليسير على نهج خطه له والده ليكون في آخر المطاف الحكم في سوريا ديكتاتوريا وقمعيا لآل الأسد ومن بعدهم يعلو الطوفان.
مجازر وتصفيات للسجون السورية من سجن صيدنايا عام 2007 واستعصاءاتها الثلاثة المتوالية من نظام ضيق الخناق على المعتقلين وقيد حرياتهم في أقبية تحت الأرض ومنع عنهم كل وسائل الاتصال وكأنهم مفقودون من الدنيا وهم أحياء فيها، نبدا من سجن صيدنايا فحلب ثم سجن حماه لتتكر المأساة نفسها للمعتقلين كسلسة آلام لا تنتهي: تعذيب وقلة ماء وكهرباء وسوء معاملة من زبانية النظام ممن يشهد لهم بولائهم للنظام وأعوانه.
لكن تبقى أولى الآلام الإعدامات الميدانية للمعتقلين ما يُعرف “بالتصفية” للسجون، وبتلك المنهجية المتبعة يتخلص النظام ممن يراهم عقبة في طريق تحقيق مصالحهم ومخططاتهم الوحشية ليمسكوا بأيديهم خيوط السلطة بإحكام ويقمعوا المدنيين بالقوة والجبروت لتظهر شعارات نادى بها شبيحة النظام ومواليه “بشار وبس”.
على الدوام يعاني المعتقلون من سوء المعاملة في السجون السورية، وظروف اعتقالات صعبة وتعسفية أغلبها اعتقالات للعشرات من الحواجز والمظاهرات التي خرجت لنيل الحرية والكرامة منذ بداية الثورة، دون أن يتم تحويلهم إلى محاكم لإصدار حكم بحقهم أو الإفراج عنهم “وقف لأحوالهم المدنية وحجز للحريات”.
بالطبع الحال السيء في السجون وأقبية رطبة نالت من وضعهم الصحي إضافة إلى ضغوط نفسية كبيرة مما أدى لنفاد صبر المعتقلين من هذه الأوضاع، وأحكام إعدامات ميدانية تنفذ بحقهم، مما دفعهم للاستعصاء كما حصل في سجن حماه المركزي الشهر الخامس من العام الحالي الذي كان رداً على نقل بعضهم إلى سجن صيدنايا العسكري “التنين الأحمر”.
مع تصعيد تلك السياسات المتبعة بحق المعتقلين قام معتقلون في سجن طرطوس أمس الأول الأحد 30/أكتوبر بتنفيذ اعتراض على حملات الإعدام التعسفي التي ينفذها النظام بحق العديد من السجناء مطالبين بإلغائها مقابل إلغاء الاستعصاء.
حيث أكد ناشطون “أن عشرات المعتقلين بسجن طرطوس نفذوا فيه استعصاءً لمنع عناصر الشرطة من سوق أحد المحكومين بالإعدام لتنفيذ الحكم” وحاول النظام اقتحام الزنزانات لفك الاعتصام بإطلاق الرصاص على المعتقلين في حال لم يتم انهاء الاستعصاء والسماح للضابط بالدخول والسيطرة على السجن من جديد، رافقه تخوف من ارتكاب قوات الأسد كعادتها السيئة والوحشية مجزرة بحقهم.
سجن طرطوس يضم عشرات المعتقلين من أبناء بانياس الذين تم اعتقالهم أول الثورة ولم يحالوا بعد للقضاء ولم يفرج عنهم
يقع سجن طرطوس المركزي في مدينة طرطوس الساحلية وهو مبنى مؤلف من ثلاث طوابق، يقبع فيه المئات معظمهم من مدينة دمشق وبانياس محتجزين في غرف معزولة، غالبيتهم لم يعرضوا على القضاء.
أدى الاستعصاء فيه لفرض طوق أمني كبير حول محيطه بعد سيطرة المعتقلين على السجن من الداخل بالكامل.
ستستمر الاستعصاءات رداً على أحكام الإعدام في سجون الذل وستستمر سلسة نضال من كان لا يملك سوى الدعاء بالفرج والروح الصابرة على الألم راجين من الله أن يجبر ضعفهم وينصرهم مهما علت جدران سجنهم.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد