شهدت قمة مجموعة العشرين التي اختتمت فعاليتها يوم الأحد الماضي في مدينة أنطاليا التركية، حفاوة في الترحيب والاستقبال، من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للملك سلمان بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية، الأمر الذي قرأه العديد من الخبراء على أنه يؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات على كافة المستويات وخاصة الاقتصادية.
واعتبر المستثمرون الأتراك الذين تربطهم علاقات تجارية مع المملكة العربية السعودية، أنه بعد قمة مجموعة العشرين، سيتم تجاوز بعض الخلافات، ويشهد العام القادم زيادة في حجم الاستثمارات بين البلدين.
وقال رئيس مجلس الأعمال السعودي التركي التابع لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية (DIEK) “يوسف جواهر” في معرض رده على أسئلة مراسل وكالة الأناضول، إن قمة مجموعة العشرين شهدت حوارات دافئة، من شأنها أن تساهم في تعزيز التعاون بين البلدين على كافة الصعد.
وأضاف جواهر، أن انخفاض سعر البترول في الفترات الحالية، انعكس بالسلب على اقتصاد المملكة العربية السعودية، التي ستتوجه بدورها، إلى زيادة حجم الاستثمارات في دولة مستقرة، تتوفر فيها كل سبل الأمن مثل تركيا، وتابع قائلا: “شهدت الفترات الماضية خلافات مزمنة بين المملكة العربية السعودية وتركيا، نتيجة بعض السياسات في الشرق الاوسط، إلا أن هذه الخلافات أخذت في التلاشي بعد قمة مجموعة العشرين”.
وأشار إلى أن حالة الإستقرار الذي تشهدها تركيا، ستكون الملاذ الآمن، لاستقطاب المستثمرين السعوديين للاستثمار في تركيا في الفترات القادمة، وخاصة في العام القادم، لأن فرص الاستثمار في تركيا مفتوحة بشكل كبير، فهي تشهد استقرارًا سياسيًا، وتنفذ فيها مشاريع عملاقة، كل هذه الأمور ستساهم في تعزيز فرص الاستثمار، وفي قيام المقاولين الأتراك بتنفيذ مشاريع كبيرة في السعودية.
زيارة مرتقبة لأردوغان إلى المملكة
وتابع جواهر أنه حسب المعلومات المتوفرة لديه فإن رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان يخطط لإعادة الزيارة لصاحب السمو الملك سلمان بن عبد العزيز ملك السعودية قبل انتهاء هذا العام.
وأشار إلى أن الشركات التركية العملاقة التي تستطيع أن تقوم بمشاريع كبيرة في السعودية هي شركات البناء والمقاولات التركية. ولا شك أن قيام هذه الشركات بتعاقدات تتعلق بأعمال كبيرة مرتبطة بزيارة رئيس الدولة، التي من شانها أن تعزز التعاون التجاري بين البلدين بجذب رأس المال الخليجي إلى تركيا ودعم الشركات التركية المستثمرة في الأسواق العربية.
من جانب آخر قال الأستاذ غزوان المصري، ممثل رئاسة جمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين”موصياد” في الشرق الأوسط، إن الاستثمارات في المملكة العربية السعودية تتألف من تمويلات كبيرة موجهة من قبل الدولة، ومستثمرين أفراد.
وأوضح أن هناك تأثيرًا كبيرًا لحركة أموال المستثمرين الأفراد على الاستقرار في تركيا، حيث تابع قائلًا: “مساء يوم الانتخابات، وقبل أن تؤكد النتائج الأولية التي أعلنت وقتها، قام رجال أعمال سعوديون بشراء تذاكر والقدوم إلى تركيا، رأينا أكبر دلالة على ذلك في المعرض العقاري الأخير. حيث سجلت مشاركة واسعة للسعوديين العاملين في قطاع العقارات، فمنهم من جاء لإنهاء لقاءات كان بدأها في وقت سابق، وهناك من قاموا بالدفع المسبق، وآخرون قدموا لشراء العقارات”.
وذكر المصري أن السعودية قامت بإنفاق كبير في القطاع العسكري ضمن الاحتياطات التي اتخذتها في ما يتعلق باليمن.
المصري: احتلال الكويت أدى لجعل الأغنياء الكويتيين
أشار المصري إلى أن الكويتيين كانو أكثر الخليجيين إجراءا لعمليات شراء العقارات في الخارج، وأنه تم توجيه رؤوس الأموال الخليجية إلى ملاذات آمنة في الخارج. مضيفا أن تركيا هي أهم الملاذات الآمنة بالنسبة للمملكة العربية السعودية، في ظل وجود ضبابية تعم المشهد الخليجي بكامله حيث توجد لدى الجميع مخاوف معينة بما يخص إيران.
وتابع قائلا: “لا تتكون منطقة الخليج من أناس معزولين لا حلفاء لهم، بل على العكس تماما، تضم هذه المنطقة رجال أعمال يحسب لهم ألف حساب، فإلى أين سيذهب هؤلاء المستثمرون إذا رغبوا في البدء باستثمار جديد؟ كذلك لو حصل شيء في منطقة الخليج – لا سمح الله – يجب أن يكون لهم بيت أو شركة بمكان قريب في دولة ما. لماذا؟ لأن الكل تعلم الدرس من ما حدث في السابق في الكويت”.
وأوضح المصري أن رجال الأعمال من إمارة دبي يأتون في المرتبة الثانية بعد الكويتيين كأكثر مجموعات تقوم بشراء منازل وشركات في الخارج، مضيفًا: “الآن أصبحت للمستثمرين الخليجيين وجهة مهمة إلى دول الخارج، وهي تركيا بعد الانتخابات الماضية”.
وبين المصري أن غالبية التمويل ورؤوس الأموال القطرية تتخذ من تركيا هدفا لها، موضحًا أنه ومع زيادة التعاون بين تركيا والمملكة العربية السعودية سترتبط الاستثمارات الحكومية أيضا بتركيا.
وفي إشارة له إلى أن المستثمرين الأفراد يقومون بالعادة بلحاق الاستثمارات الحكومية إلى وجهتها، قال المصري إن زيارات الزعماء والمسؤولين رفيعي المستوى وتوقيع الاتفاقيات الثنائية ستؤدي إلى جذب مصادر تمويل واستثمارات ضخمة.
المصدر: ترك برس