القاهرة – طرحت الزيارة السريعة، التي قام بها رئيس جيبوتي، إسماعيل عمر جيلة، إلى القاهرة، الاثنين، واللقاء الذي جمعه بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، علامات استفهام عديدة، حول توقيتها ومغزاها.
وحرص الرئيسان، السيسي وجيلة، على تأكيد متانة العلاقات بين الدولتين، وقالا في مؤتمر صحافي مشترك، إن القضايا الإقليمية والدولية التي ناقشاها، شهدت تطابقا في وجهات نظر ورؤية البلدين، كما تم توقيع سبع اتفاقيات، شملت التعاون في المجال التجاري والاقتصادي والتعليم والصحة.
وأشارت مصادر دبلوماسية في القاهرة لـ”العرب”، إلى أنه يمكن قراءة الزيارة، على ضوء دخول دول عربية وإسلامية عديدة، على خط التجاذبات الإقليمية في منطقة القرن الإفريقي، مثل السعودية وقطر، علاوة على إيران، ولا سيما أن علاقة مصر بهذه الدول ليست مستقرة حاليًا.
وأوضح مراقبون ومهتمون بشؤون القرن الأفريقي، لـ“العرب”، صعوبة فصل زيارة رئيس جيبوتي للقاهرة عن إطار العلاقة المتوترة مع الرياض وقطر حاليًا، والشكوك التي أبدتها دوائر مصرية بشأن تحركاتهما في القرن الأفريقي مؤخرا، ومحاولة توظيف الملف المائي في سياق العلاقة الملتبسة.
بالمقابل قالت مصادر مصرية أخرى، لـ“العرب” إن ملف العلاقة بين السعودية وإيران، هو الذي يحتل الأولوية بالنسبة إلى الرياض في علاقتها بدول أفريقيا عموما، وجيبوتي خصوصا، نظرا إلى أهميتها في الحرب اليمنية والصراع مع الحوثيين ومن خلفهم طهران، وأن الرياض لا تستهدف القاهرة بهذه التحركات.
ورفض السفير علي حفني، مساعد وزير الخارجية المصري سابقا، فكرة ربط التحركات السعودية في أفريقيا باهتمام مصر ببعدها الأفريقي. وأشار لـ”العرب” إلى أن العلاقات بين القاهرة والرياض لا تزال جيدة، رغم ما قد يعتريها من فترات صعود وهبوط، ومصر تتفهم التحرك السعودي في أفريقيا في إطار العلاقة مع إيران والحرب اليمنية.
وحسب منى عمر مساعدة وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية سابقا، فإن جيبوتي تمثل أهمية قصوى بالنسبة إلى مصر، ولا سيما أنها من المحاور الأساسية لأمنها المائي والاقتصادي والأمني، خصوصا مع اتساع رقعة الخلافات بين مصر وإثيوبيا حول ملف حوض النيل.
وكانت جيبوتي قد تحولت في الفترة الأخيرة، إلى نقطة ارتكاز مهمة في حسم البعض من الملفات ذات الطابع الإقليمي، وهو ما جعل عواصم كبرى بحجم، واشنطن وبكين وطوكيو وباريس ولندن، تحرص على التواجد في تلك الدولة الصغيرة، القابعة عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر ومضيق باب المندب .
وتتركز بجيبوتي، منذ سبعينات القرن الماضي، أكثر من قاعدة عسكرية لدول كبرى، ففضلا عن القاعدة الفرنسية توجد بها قاعدة “ليمونيه” العسكرية، التي استأجرتها الولايات المتحدة من جيبوتي عام 2002، بهدف مكافحة الإرهاب، كما أنها مقر لقوة العمل المشتركة في إطار القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا، والمعروفة باسم “أفريكوم”.
وهناك القاعدة العسكرية البحرية، التي أنشأتها اليابان في عام 2009، لمكافحة القرصنة البحرية، كما أن الصين أعلنت عن توصلها إلى اتفاق مع جيبوتي، يقضى بإقامة قاعدة عسكرية بحرية، قبل نهاية العام المقبل، لتكون أول قاعدة لبيكين خارج حدودها.
العرب اللندنية