أثارت زيارة وزير الثقافة السوري محمد ياسين الصالح، يوم الخميس الماضي، في 17 من نيسان، إلى شيخ عشيرة المراسمة فرحان الموسري – المثير للجدل لاتهامه بصلات وثيقة مع نظام الأسد السابق – عاصفةً من الانتقادات، خاصة بعد ظهوره في صورٍ يتسلَّم “عباءة” هديةً من الشيخ، وسط مشاركة جمال الشرع (شقيق الرئيس الحالي أحمد الشرع). وتصاعد الجدل بعد تعليق لاذع من حسين الشرع (والد الرئيس الحالي) على منصات التواصل، واصفًا الموسري بـ”المجرم المرتبط بالنظام البائد”، ومستنكرًا رمزية العباءة: “مَن يلبسها كَمَن يلبس عار سنوات من الإجرام”.
الموسري والأدلة المتداولة على تورطه مع النظام السابق:
لم تكن زيارة وزير الثقافة السوري محمد ياسين الصالح إلى شيخ عشيرة المراسمة فرحان الموسري حدثاً بروتوكولياً عابراً، بل كانت شرارةً فجَّرت موجة انتقاداتٍ وجدلاً واسعاً في الأوساط السورية. وهذه الزيارة أعادت تسليط الضوء على ملف الموسري المليء بالاتهامات والارتباطات المثيرة للقلق. أبرز ما يُتَّهم به الموسري هو التحالف الوثيق مع الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الشيعية، وتحديداً تلك العاملة في جنوب دمشق ومحيط مقام السيدة زينب.
وقد ورد اسمه مراراً في تقارير محلية ومعارضة على أنه حلقة وصل أساسية في تأمين خطوط الإمداد اللوجستي لتلك المجموعات، سواء من حيث الإيواء أو تقديم التسهيلات الأمنية والعشائرية. وتشير تقارير استخباراتية وتسريبات من جهات معارضة إلى ضلوع الموسري في شبكات تهريب عبر الحدود السورية-العراقية، تشمل الأسلحة والحبوب المخدرة (كالكبتاغون).
وأشارت هذه التقارير إلى أن بعض الطرق التي يُشرف عليها من خلال أراضٍ تخضع لعشيرة المراسمة، حيث يستفيد الموسري من نفوذه القبلي في تسهيل حركة هذه البضائع دون عوائق.
ويُعرف عن الموسري قربه من الفرقة الرابعة، بقيادة ماهر الأسد، شقيق الرئيس السابق بشار الأسد، وتربطه علاقاتٌ مع عناصر فاعلة ضمن جهاز الأمن العسكري، ما مكَّنه من لعب دور الوسيط في صفقات سرية تتعلق بملف المعتقلين والنازحين في جنوب دمشق.
من بين الأدلة البصرية التي أعاد النشطاء تداولها، صورٌ أرشيفية للرئيس السابق بشار الأسد وهو يجلس في “مضافة” الموسري، ما يؤكد مكانة الأخير كرمز للطبقة المتحالفة مع النظام السابق. كما ظهر في مناسبات رسمية وهو يستقبل قادة من “حزب الله” وممثلين عن الحرس الثوري، تحت غطاء “الزيارات الدينية”.
جدل يتعدى العباءة:
يتجاوز الجدل حول زيارة الوزير الصالح حدود الصورة، إذ وصف نشطاء ومراقبون الزيارة بـ”المحرجة”، ورأوا فيها إحياءً لسياسة المحسوبية التي وعد الرئيس الشرع بمحاربتها. وردًّا على الانتقادات، أصدرت وكالة “سانا” الرسمية أمس بياناً أوضحت فيه أن جمال الشرع لا يشغل أيَّ صفة وظيفية في مؤسسات الدولة، وأكَّدت أن جميع المواطنين متساوون أمام القانون. فيما أعاد حسين الشرع (والد الرئيس الحالي) تأكيد موقفه الرافض لأي تواصل مع رموز الفساد، معلقاً على الصورة: “مَن اختار أن يقف مع القتلة، لا مكان له بيننا لا الآن ولا في سوريا القادمة”.
وفي هذا السياق، فإن فرحان الموسري ليس مجرد شيخ عشيرة، بل نموذجٌ لمعركة العدالة والذاكرة في سوريا الجديدة، مع وعودٍ بتحقيق العدالة الانتقالية وطي صفحة الفساد والمحسوبيات التي تسعى الحكومة الحالية إلى تحقيقها.
بقلم نور عويس