قبل عدّة سنوات كان من الغريب والمستهجن أن يزوج الأهل ابنتهم من عريسٍ مغترب، دون أن يتقابلا أكثر من مرة ويُظهرا ارتياحاً أولياً، ثمّ تأتي فترة الخطبة ليتَّفِقا فيها على شكل حياتهما المستقبلية، فإذا شعر أحدهما، أو كلاهما بعد الارتياح أو التفاهم، تُفسَخ الخطبة ويذهب كل منهما في حال سبيله دون أذى أو ضرر لهما.
لكن التطور السريع الذي طرأ على حياة الناس بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى ما خلّفته الثورات العربية من هجرة واسعة للشباب العربي بحثاً عن حياة آمنة ومستقبل مستقر، كل ذلك خلّف أسلوب حياة جديد له إيجابياته وسلبياته، ومن ذلك ظاهرة الزواج عن بعد.
يلجأ كثير من الشباب السوريين المغتربين إلى الزواج من فتيات سوريات من بلادهم، رغبةً منهم بالحفاظ على الهوية الشرقية والثقافة الدينية التي ينتمون إليها، ويدفعهم ذلك إلى الاستعانة بالأهل أو الأصدقاء داخل سوريا لاختيار زوجة تناسب تطلعاتهم، وتتقبل السفر خارج سوريا، فمنهم من يحالفه الحظ وقد تكللت قصتهم بالنجاح، ومنهم من كان الفشل حليفهم.
“م.ن” شاب من مدينة حماة دفعته الحرب في سوريا للهجرة إلى أوربا، وبعد مدة قام بخطبة فتاة من مدينته حماة مستعيناً بأهل صديقه، بعد عقد قرانه عليها واستكمال الإجراءات القانونية لمعاملة لم الشمل، دخلت خطيبته إلى تركيا لتسافر منها إلى ألمانيا حيث هو يقطن، إلا أنها رفضت السفر إليه، وبقيت في تركيا، ليكتشف فيما بعد أنها اتخذته وسيلة لدفع تكاليف دخولها إلى تركيا، وتفسخ خطبتها بعد ذلك.
أما رانيا “اسم مستعار” فهي الأخرى “عانت الأمَرَّين” كما تقول حتى تمكنت بعد سنتين من خطبتها، أن تصل إلى زوجها في هولندا لتتفاجأ بواقع صادم لم تتوقعه، تقول رانيا: “بعد كم شهر من وصولي لعندو ع هولندا بلشت انصدم بتصرفاته ومعاملته.. وكأني مو نفس الشخص اللي كنت أحكي معه عالنت سنتين الخطبة.. ضرب وإهانة ودايما سهران برا البيت مع صديقات وخمر ولعب قمار”
لم تحتمل رانيا هذا الواقع المشؤوم فما كان منها إلا أن تقدمت بشكوى ضده للسلطات الهولندية لتعود بعد عناء إلى بيت أهلها في تركيا تجر ذيول الخيبة والألم.
إلا أن قصة الشاب عامر “اسم مستعار” الثلاثيني من أبناء محافظة إدلب، كانت الأكثر صدمة وغرابة، فبعد سنة وسبعة أشهر من انتهاء معاملة لم الشمل، جاء يوم لقائه بعروسه، يحمل باقةً من الزهور وذهب ينتظر وصولها في المطار، حطت الطائرة.. التقى المسافرون بذويهم.. إلا عامر لم يرَ عروسه، توجه إلى إدارة المطار ليتفاجأ بوصولها على متن الرحلة المقررة.. بعد البحث والتحري علم أنها توجهت مع شخص آخر كان ينتظرها في المطار.
يقول عامر مكملاً ما جرى معه: “جن جنوني وقت دريت أنها استغلتني لحتى تصل لعشيقها.. ضليت لاحق الموضع وتابعه لحتى عرفت مكانها ورفعت دعوى وتكبدت مصاريف باهظة.. بلآخر كسبت الدعوى ورجعتها ع سوريا.. وشفيت غليلي منها”
كثيرة هي قصص الزواج عن بعد التي تكللت بالنجاح إلا أنني اخترت الحديث عن الجانب المظلم منها، رغبةً مني في تنبيه الشباب السوري إلى ضرورة أخذ موضوع الزواج بتلك الطريقة على محمل الدراسة الدقيقة لواقع العروسين ودوافعهما للقبول ببعضهما.. وعدم الانجرار إلى المظاهر الخداعة والكاذبة، فالزواج في جوهره هو السكينة والاستقرار قبل أن يكون عقد لتحقيق غاية.
قصة خبرية/ إيمان هاشم
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع