أكثر من خمسين يوماً مرّوا على بداية معارك ريف حلب الجنوبي العنيفة و التي تخوضها عناصر الكتائب الثورية من جهة و جيش النظام المدعوم بالميليشيات الإيرانية والأفغانية الأجنبية و عناصر من حزب الله من جهة أخرى على جبهات قرى و بلدات ريف محافظة حلب الجنوبي.
استطاع النظام في هذه الاشتباكات العنيفة و المعارك الشرسة التقدم على الأرض بتغطية جوية روسية كثيفة جداً، فقام بالسيطرة على قرية الحاضر و الحويز و العيس و تلة العيس الاستراتيجية و عدة قرى أخرى بعد تكثيف الغارات الجوية عليها و القصف الصاروخي و المدفعي العنيف التي تتعرض له تلك القرى من المدفعية الثقيلة الموجودة في جبل عزان الواقع تحت سيطرة قوات النظام و الذي يبعد عدة كيلو مترات عن مناطق الاشتباك.
تتوجه أنظار قوات النظام بعد سيطرتهم على تلة العيس المتاخمة لبلدة الحاضر في الريف الجنوبي لحلب و التي تبعد عن مدينة سراقب في ريف ادلب الجنوبي الشرقي حوالي 30 كيلو متر إلى السيطرة على الإيكاردا و الزربة و اللتان تقعان على أوتستراد حلب الدولي، محاولةً منه ببسط سيطرته على المنطقة و من ثم الاتجاه نحو قرى الريف الادلبي.
هذا و أفادنا أبو أحمد أحد المقاتلين في إحدى فصائل جيش الفتح بأن نية جيش النظام هي فتح طريق إلى بلدتي كفريا و الفوعة المواليتين للنظام المحاصرتين منذ أكثر من ثمانية أشهر، حيث تم أسر عدة عناصر تقاتل في صفوف النظام تبيّن فيما بعد أنهم من جنسية لبنانية و عراقية أكّدوا بأن الهدف من العملية هو تحرير كفريا و الفوعة و فك الحصار عنهم، كما أفادوا بأن الغالبية العظمى التي تقاتل في صف قوات النظام هي من جنسية إيرانية و عراقية و أفغانية و من حزب الله إلا ما ندر وجوده من القوات السورية.
و في الأيام القليلة الماضية شنت قوات النظام هجوماً برياً واسعاً تمكنوا من خلاله من التقدم باتجاه الأوتستراد الدولي، ليصبح الفاصل الوحيد بينهم و بين الطريق الدولي هو عدة قرى صغيرة كالزربة و الإيكاردا بفضل الغطاء الجوي الكثيف التي وفرته الطائرات الحربية الروسية و مروحيات النظام و براميله المتفجرة، إلا أن الكتائب الثورية و بعد ذلك التقدم الذي أحرزه جيش النظام قامت بتوحيد صفوفها و شن هجوم معاكس وصد ذلك التقدم و دحر قوات النظام لتعود المعركة إلى نقطة البداية على جبهتي العيس و الحاضر.
لا تكاد سماء المنطقة تخلو من طائرات النظام الحربية و المروحية بالإضافة إلى الطائرات الروسية و التي تشن يومياً عشرات الغارات و البراميل المتفجرة و الألغام البحرية على مناطق القتال و القرى المحيطة بها، إلا أن الثوار هناك جلّ همهم هو دحر قوات النظام و إبعادهم قدر المستطاع عن المنطقة.
هذا و تتكبد قوات النظام خسائر يومية في العدة و العتاد و الأرواح، إذ تقوم الفصائل الثورية بتدمير دبابات و آليات النظام عن طريق صواريخ التاو و التي تملكها الفصائل الثورية و تستخدمها عادة على الجبهات لقلب موازين المعارك، فاستطاع الثوار إعادة السيطرة على قرى بانص و العزيزية و غيرها من القرى التي سيطر عليها النظام في وقت سابق.
و عند المرور على قرى و بلدات ريف حلب الجنوبي القريبة من مناطق الاشتباك، نجدها خاوية على عروشها و قد تحولت إلى قرى أشباح بعد أن خلت من سكانها بفعل القصف العنيف و الغارات الجوية المكثفة التي تتعرض له يومياً و افترشت العراء، إلا أن قرى ريف ادلب الشمالي و المتاخمة لتلك القرى تتواجد فيها بعض العائلات و التي أبت ترك منازلها و مواجهة رحلة النزوح خاصةً أن الشتاء القارس على الأبواب.
همم عالية و معنويات مرتفعة و صمود يفوق الحدود، يبرزونه عناصر جيش الفتح و الكتائب الثورية المرابطة على النقاط الأولى للاشتباك، متوعدين قوات النظام باسترجاع النقاط التي تقدموا إليها و دحرهم بعيداً، ليكونوا بذلك على بعد عدة كيلو مترات من تحرير ما يخضع لسيطرة قوات النظام في حلب.
المركز الصحفي السوري – محمد تاج