سيرت القوات الأميركية دوريات عسكرية شمال شرقي سوريا، وتفقدت الشريط الحدودي، في وقت حلّق سرب من المروحيات الروسية القتالية على الحدود السورية التركية، ونفذت طلعات استطلاعية من القامشلي وصولاً إلى المناطق الحدودية مع إقليم كردستان العراق المجاور.وفق جريدة الشرق الأوسط
وجالت الدورية الأميركية المؤلفة من 6 مدرعات عسكرية وعشرات الجنود في منطقة رميلان النفطية شرقي مدينة القامشلي، والقرى الحدودية المحاذية للشريط الحدودي مع تركيا بين القامشلي وبلدة المالكية (ديريك)، وتحدث أفرادها إلى سكان المنطقة واستمعوا إلى مخاوف الأهالي بعد تصاعد وتيرة التهديدات التركية، واستمرت الدورية أكثر من 4 ساعات وتمركزت في نقاط مقابلة للحدود مباشرة وتجولوا في الحقول الزراعية، حيث وسعت القوات الأميركية، خلال اليومين الماضيين، تحركاتها البرية والجوية تزامناً مع التهديدات التركية بقصف وضرب مناطق تخضع لسيطرة حلفائها «قسد».
في المقابل، حلقت 6 مروحيات روسية، صباح أمس (السبت)، ونفذت جولات استطلاعية على طول الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا، حيث انطلقت من القاعدة الروسية بالقامشلي وحلّقت في أجواء المدن والبلدات الواقعة شرقي المنطقة وصولاً إلى بلدة عين ديوار الحدودية مع تركيا، كما وصلت تعزيزات عسكرية روسية إلى مطار القامشلي بينها طائرات حربية ومروحية قتالية، ضمت مقاتلات من طراز «سوخوي 34» وطائرات هليكوبتر هجومية من طراز (KA.52)، إضافة إلى سرب من الطائرات المروحية. وقال مصدر عسكري مطلع في مكتب العلاقات العامة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، إن الجيش السوري والقوات الروسية عزّزا الوجود في مدينتي الحسكة والقامشلي والبلدات التابعة لها وزادا من المعدات اللوجستية لمواجهة أي عملية تركية. ميدانياً، قالت قوات «قسد»، في بيان أمس نشر على موقعها الرسمي، إن الجيش التركي والفصائل السورية الموالية لها، استهدفت ناحية أبو راسين وريفها شمالي محافظة الحسكة بأكثر من 320 قذيفة، فيما قصفت ناحية شيراوا وبلدة تل رفعت بأكثر من 140 قذيفة مدفعية وتسببت هذه الهجمات بأضرار مادية جسيمة في ممتلكات المدنيين والمرافق الحيوية الخدمية، «القصف كان عشوائياً طال منازل المدنيين والمؤسسات الطبية والاتصالات في مركز ناحية زركان التي يعيش فيها أكثر من 7 آلاف مدني».
وجددت المدفعية التركية المتمركزة في منطقة عمليات «نبع السلام» قصفها على مناطق سيطرة قوات «قسد»، واستهدفت مبنى يبتع قوى الأمن الداخلي (الأسايش) وبرج الاتصالات التابع لشركة «سيريتل»، ما أدى إلى تضرر المباني، وأسفر عن انقطاع خدمة الاتصالات وشبكة الإنترنت، وشهدت المنطقة حركة نزوح الأهالي الذين توجهوا نحو قرى وأماكن أكثر أمناً، وقالت «قسد»، في بيانها، إن الجيش التركي «يتعمّد ويصر على نقل ساحة المعركة إلى المناطق الآهلة بالسكان وتخيير المدنيين بين القتل أو التهجير، وهما جريمة حرب واضحة للعيان»، وناشدت القوى الدولية الضامنة (واشنطن وموسكو)، إبداء خطوات ميدانية ملموسة «لمنع الاحتلال التركي من ارتكاب المزيد من أعمال القتل بحق شعبنا».
بدوره، أكد المتحدث الرسمي لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية نوري محمود، في حديث، أنهم يأخذون تهديدات الدولة التركية على محمل الجد، وتوعد بـ«المقاومة»، قائلاً: «روج آفا (غرب كردستان) لن تكون مثل عفرين ورأس العين وتل أبيض؛ هي مستعدة للدفاع عن مكتسباتها بكل مؤسساتها وقواتها وشعوبها، سنقاوم حتى النهاية»، وأوضح أن القوات التزمت باتفاقيات خفض التصعيد ووقف إطلاق النار التي أبرمت بين واشنطن وموسكو وأنقرة نهاية 2019، مضيفاً: «نحن سحبنا جميع قواتنا حتى لا تكون هناك حرب، إلا أننا نُبقيها دائماً بأهبة الاستعداد لأي هجمات، وفي حالة هجوم تركي فإن خطط العودة إلى مواقع انسحابها جاهزة».
وشدد على أن أي هجوم تركي على مناطقها شرقي الفرات غير ممكنة دون موافقة من القوى الدولية، مضيفاً: «لدينا اتصالات يومية مع واشنطن وموسكو لكن نعتمد على قوتنا بدلاً من القوى الدولية، فأميركا وروسيا ضامنتان للاتفاقية مع تركيا لوقف التصعيد، ومطلوب منهما الوفاء بمسؤولياتهما وكبح هذه الهجمات ووقفها».
سياسياً، قال القيادي الكردي إبراهيم برو، عضو لجنة العلاقات الخارجية لـ«المجلس الوطني الكردي» المعارض، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إنهم عقدوا اجتماعاً رسمياً مع مسؤولين في «الخارجية» الفرنسية في باريس، وقدموا مشروعاً خطياً للتوسط لدى تركيا لتجنيب المناطق الكردية الحدودية عملية عسكرية جديدة، وأكد: «خلال لقائنا مع المسؤولين الفرنسيين قلنا لهم إن الحل العسكري ليس ممكناً من أي جهة كانت، والحرب تزيد من تفاقم الأوضاع ولن تجلب سوى المزيد من المآسي لسكان المنطقة»، ولتبديد مخاوف أنقرة من انتشار مقاتلين من قوات «قسد» ووجود أعضاء من «حزب العمال الكردستاني» التركي في تلك المناطق، أضاف: «قلنا إن المجلس وحلفاءه (جبهة السلام والحرية) ومكونات أخرى مستعدون لإدارة تلك المناطق، شريطة تعاون كل الأطراف المعنية وعلى رأسها أميركا وفرنسا وتركيا وقوات (قسد) لتجنيب المنطقة حرباً جديدة»، لافتاً إلى أن المسؤولين الفرنسيين أبدوا اهتماماً واستمعوا إليهم جيداً واستفسروا عن محتوى الخطة الكردية وآليات تطبيقها على الأرض
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع