في غمرة التهديدات الاوروبية لموسكو بدفعة جديدة من العقوبات لدورها في النزاع الاوكراني، يعرض الكرملين على إيران شراء أحدث الصواريخ الروسية المضادة للطائرات. وهو بهذا العرض يعيد احياء صفقة مثيرة للجدل عمرها ثماني سنوات لإمداد طهران بصواريخ “إس ـ 300” الأقل قوة، والتي كانت طويت عام 2010، بعد ضغوط غربية. صفقة كهذه لا تعزز القدرات القتالية والدفاعات الجوية الايرانية فحسب، بل تدفع الهجوم الروسي المضاد خطوة اضافية في الحرب الساخنة بين موسكو والغرب.
ثمة أكثر من هدف في مرمى الصفقة الروسية المقترحة لطهران. منظومة “أنتي 2500” الصاروخية تشكل سلاحاً جديدا لموسكو. بها ترد على التهديدات الغربية بتسليح كييف، وعبرها أيضاً تضرب عرض الحائط العقوبات الاوروبية والاميركية عليها نتيجة دورها في دعم الانفصاليين.
الواضح أن بوتين اختار التصعيد في أوكرانيا وخارجها. فمع تقويض اتفاق مينسك بسيطرة الانفصاليين على مدينة ديبالتسيفا الاستراتيجية، واستمرار المعارك على كل الجبهات تقريباً، يختار الكرملين طهران ذات النفوذ المتزايد في الشرق الاوسط، جبهة جديدة لتحدي الغرب، وقت تواصل واشنطن الضغط على الجمهورية الاسلامية الايرانية لتحجيم تطلعاتها النووية.
لا ترغب موسكو في ايران نووية بالطبع، ولا هي تتطلع الى شرق أوسط مضطرب. ولكن في سياق ما يحصل في أوكرانيا والمدى الذي ذهبت اليه موسكو في سعيها الى الحفاظ على هذه الدولة في فلكها، ليس مستبعدا أن يلعب بوتين الورقة الايرانية. ومع أن المحادثات السداسية نجحت حتى الان في الابتعاد عن لعبة الحصص في أوكرانيا، كان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف واضحا بعد احدى جلسات التفاوض اذ قال: “إذا أجبرنا على ذلك سنتخذ اجراءات انتقامية هنا ايضا” في اشارة الى المحادثات النووية بين مجموعة 525-2-20151 للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الى المانيا، وطهران.
لا تبدو روسيا في اي حال مستعدة لوقف تصدير الاسلحة على رغم العقوبات المتوالية عليها. وفي “ايدكس 2015” المعرض الدفاعي الدولي في أبو ظبي، أكد رئيس وكالة الاسلحة الحكومية أن روسيا ستحقق هدفها تصدير اسلحة بقيمة 15 مليار دولار سنة 2015 على رغم القيود. وصار واضحا أنها تحاول تعويض تأثير العقوبات الغربية عليها، بزيادة تصدير الاسلحة الى أسواقها في الشرق الاوسط وشمال افريقيا.فشركة “كلاشنيكوف” التي شملتها العقوبات الغربية منذ تموز من العام الماضي، أكدت خلال المعرض أن مبيعات بنادقها الهجومية مثلاً تضاعفت العام الماضي الى 120 الفاً نتيجة زيادة الطلب في الشرق الاوسط وأفريقيا وآسيا. وعندما سئل رئيس الشركة هل زادت الحرب على “الدولة الاسلامية” في العراق وسوريا مبيعات الاسلحة، لم يشأ الربط بين الامرين، وإن يكن أكد “أن ثمة اهتماماً كبيراً بمنتجاتنا وخصوصاً في الشرق الاوسط وايران”!
موناليزا فريحة – النهار