ورأى معارضون سوريون في الكلام الألماني، بمثابة “ضوء أخضر” غير مباشر، يسمح للروس في تعزيز احتلالهم لسورية، بعد عبور المدمرتين سيربوخوف وزيلوني مضيق البوسفور والدردنيل في تركيا، نحو الساحل السوري، فيما تسرع موسكو إلى تثبيت دعائم حكمها وتوطيد أركان قواعدها، قبيل انتهاء ضجة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة وانتخاب الرئيس الجديد. كما أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن الوزير جان مارك أيرولت، سيسافر إلى روسيا والولايات المتحدة، اليوم الخميس، وغداً الجمعة، لإقناع الجانبين بتبني قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بفرض وقف إطلاق النار في سورية”. وذكرت الخارجية في بيان أنه “مع استمرار عمليات القصف في حلب، سيزور أيرولت موسكو اليوم وواشنطن غداً”. واعتبرت أن “جولة الوزير الفرنسي تأتي في إطار جهود فرنسا لتبني قرار لمجلس الأمن الدولي، يمهّد الطريق أمام وقف إطلاق النار في حلب ووصول المساعدات إلى السكان الذين يحتاجونها بشدة”.
في السياق نفسه، يعتزم الدوما، شرعنة الاحتلال العسكري الروسي في سورية بشكل دائم، والوقوف في وجه أي نية دولية لإعادة العمل باتفاق هدنة كانت رتبته موسكو وواشنطن وانهار في 19 سبتمبر/ أيلول الماضي، في حين نقلت الصحيفة الروسية “إزفيستيا” أمس، عن النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع والأمن بمجلس الاتحاد الروسي فرانتس كلينتسيفيتش: “سنواجه الخطة باء الأميركية بدبلوماسيتنا، ويمكننا عند الضرورة زيادة دعم القوات المسلحة السورية. وتوجد لدى هيئة الأركان العامة خطط خاصة للتصدي للإرهابيين، لأنّهم سيركّزون على وحداتنا وقواعدنا على الأراضي السورية أكثر من القوات المسلحة الوطنية”.
في المقابل، يرد الأميركيون عبر وسائل الإعلام وشاشات التلفزة، إذ اعتبر مسؤولون منهم أن النظام الصاروخي الحديث يبدو أنه يهدف لمنع هجمات صاروخية أميركية، لأن التنظيمات في سورية لا تملك صواريخ تماثل الصواريخ الروسية. كما أن الخارجية الأميركية، أعلنت أن “الولايات المتحدة تدرس الخيارات الدبلوماسية والعسكرية والاستخبارية والاقتصادية المتاحة للتعامل مع الوضع في سورية”، مشدّدة في الوقت نفسه على “ضرورة التوصل إلى حل سياسي”.
في سياق مواز، أشارت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية إلى أن “إدارة الرئيس، باراك أوباما، تدرس إمكانية توجيه ضربات عسكرية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بسبب انتهاكات وقف إطلاق النار الأخيرة ومهاجمته المدنيين في حلب”.
من هنا، قد لا تعير موسكو التصريحات التي صدرت عن الأمم المتحدة بالحديث عن أن صور الأقمار الاصطناعية تظهر أن الضربة التي استهدفت قافلة مساعدات في سورية الشهر الماضي كانت عبر الجو، في إشارة إلى تحميل روسيا والنظام السوري مسؤولية الهجوم، على اعتبار أن الروس حاولوا مبكراً إلقاء اللوم على فصائل المعارضة، وواصلوا عملياتهم الجوية والبرية دون أي رادع أممي أو أخلاقي.
في هذا الإطار، يرى عضو الائتلاف السوري سمير نشار أنه “بعد فشل الروس في إدخال المساعدات الإنسانية إلى أحياء حلب المحررة وقيام طيران التحالف بقصف مواقع النظام بدير الزور، سقط الاتفاق الروسي الأميركي الذي مهّد لهدنة دامت حوالى الأسبوع أو أقل”. وبيّن أن “طيران النظام أو الطيران الروسي قصف المساعدات الإنسانية المقررة من الأمم المتحدة في الريف الغربي لحلب، علماً أن هذه المساعدات لم تعبر من الحدود التركية وإنما أتت من مناطق النظام، ولكنها كانت رسالة رداً على رسالة دير الزور، بذلك سقط الاتفاق بينهما”.
ويبدي نشار اعتقاده أن “الروس استشعروا أن الخيار الأميركي في التعامل مع الملف السوري يحتوي على خيار عسكري، وبالتالي بدأت ردود أفعالهم تتسم بالقلق والتوتر والتنبيه إلى المخاطر التي سوف تتعرض لها المنطقة وأيضاً بدأت روسيا بتعزيز حضورها العسكري في سورية وفي البحر”.
في غضون ذلك، يبدو أن قوات المعارضة السورية لا تنتظر ردود الفعل الأميركية للتحرك سورياً، إذ أعلن “جيش العزة”، وهو أحد فصائل المعارضة المسلحة النشطة في محافظة حماة وسط سورية، أمس الأربعاء، بدء المرحلة الرابعة من معركة “في سبيل الله نمضي”، الرامية للسيطرة على مواقع جديدة للنظام، تشمل قرى شليوط وشيزر وتل ملح والجبين، بهدف قطع طريق إمداد النظام الواصل بين مدينة حماة ومنطقة سهل الغاب عبر مدينة سقيلبية غربي حماة، بعد أيام قليلة من استهداف الروس “مقاتلي الجيش”.
على الجانب الآخر، تواصل روسيا والنظام حصد أرواح المدنيين السوريين، وقُتل خمسة مدنيين، بينهم امرأة وطفل، وسقط عشرات الجرحى، جراء غارات جوية استهدفت مدينة دوما بالغوطة الشرقية. في هذا الصدد، أعلن موقع الدفاع المدني في ريف دمشق، إن “الطيران الحربي شن غارتين على الأحياء السكنية المكتظة بالسكان في مدينة دوما، وأسفر القصف عن سقوط خمسة قتلى، وإصابة نحو عشرين آخرين، وعملت فرق الإسعاف في الدفاع المدني على إسعاف المصابين إلى النقاط الطبية وانتشال جثث القتلى”.
وفي ريف دمشق، واصلت قوات النظام لليوم السادس على التوالي استهداف الهامة بالصواريخ والبراميل المتفجرة، في محاولة لإجبار مقاتلي المعارضة على الخروج إلى الشمال السوري ضمن الشروط التي حددها النظام.
وقال المجلس المحلي في الهامة، إن القصف ألحق دماراً واسعاً في الممتلكات العامة والخاصة وأدى إلى انفجار خط الماء المغذي للبلدة والمناطق المحيطة بها، لتتدفق المياه إلى نهر بردى، ودعا المجلس الأهالي إلى تخزين أكبر قدر من الماء لوقت الحاجة بالإضافة للتقنين الشديد باستخدام المياه. ويشترط مقاتلو المعارضة مقابل خروجهم من المدينة، إيقاف القصف على الهامة، وأن تكون العملية تحت إشراف الأمم المتحدة والهلال الأحمر، وأن يتم تحديد المنطقة التي سيخرجون إليها.
وتأتي هذه الحملة على مدينتي الهامة وقدسيا، بهدف إجبار مقاتلي المعارضة على القبول بتسليم أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة، ومن ثم تهجيرهم وذويهم إلى الشمال السوري على غرار ما حدث في داريا والوعر في وقت سابق.
العربي الجديد – أنس الكردي