انتقلت روسيا من الإجراءات العقابية الاقتصادية إلى اجراءات أشد وطأة على تركيا، حيث وفرت غطاء جويا لتقدم وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا التي تعارضها أنقرة وتخشى اقامتها كيانا كرديا في المناطق المحاذية لتركيا.
وقالت مصادر، إن الطيران الروسي بدأ في توفير غطاء جوي لمقاتلي منظمة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا والتي تعتبرها أنقرة امتدادا لمنظمة حزب العمال الكردستاني (بي كا كا) والتي تتهمها بالإرهاب وتشن عليها حملة عسكرية منذ انهيار هدنة هشة استمرت لعامين.
واشارت إلى أن هذا الدعم يأتي لتمكينهم من إحراز تقدم شمالي محافظة حلب (شمال سوريا)، لاسيما بين مدينتي جرابلس وأعزاز التابعتين لها والتي ترغب تركيا في تأسيس منطقة آمنة بينهما.
وباشر مسلحو المنظمة عقب الدعم الجوي الروسي تحركهم في كل من مدينتي عين العرب (شرقي جرابلس) وعفرين (غربي أعزاز) من أجل توحيد المدينتين المذكورتين تحت غطاء جوي روسي وإحكام السيطرة على المنطقة الواصلة بينهما.
وتشن وحدات حماية الشعب هجوما على خط جبهة أعزاز الواقعة تحت سيطرة قوات المعارضة المسلحة من جهة وتحارب تنظيم الدولة الاسلامية في خط جرابلس للعبور غربي نهر الفرات من جهة أخرى.
وتقول مصادر محلية إن بلدات دير جمال ومريمين ومالكية وزيارة الواقعة شرقي مدينة عفرين والخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة، تتعرض منذ 5 أيام لهجمات برية من قبل وحدات حماية الشعب الكردية (الجناح العسكري لمنظمة حزب الاتحاد الديمقراطي) تحت غطاء جوي من قبل الطيران الروسي.
وكانت مقاتلات روسية قصفت مرتين خلال 5 أيام الطريق الذي تسلكه شاحنات الإغاثة لنقل المساعدات الإنسانية والمؤدي إلى معبر باب السلامة في بلدة أعزاز الحدودية مع ولاية كليس التركية.
ويسعى مسلحو وحدات حماية الشعب الكردية الذين يسيطرون على مدينة عين العرب (كوباني) للعبور غربي نهر الفرات تحت غطاء جوي روسي والسيطرة على مدينة جرابلس التي تخضع لسيطرة الدولة الاسلامية، فيما تعرضت المنطقة الواقعة بين مدينتي منبج وجرابلس (تابعتان لحلب) لأكثر من 15 غارة خلال 3 أيام.
وشهدت العلاقات بين روسيا ومنظمة حزب الاتحاد الديمقراطي التي تسيطر عناصرها على بلدتي عين العرب (كوباني) وبلدة عفرين تسارعا خلال الفترة الماضية من خلال استفادة المنظمة من التنافس بين موسكو وواشنطن، من أجل فرض السيطرة على بلدة أعزاز التي تُسيطر عليها قوات المعارضة السورية وبلدة جرابلس الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية من أجل توسيع نطاق السيطرة بين كوباني وعفرين.
و قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 23 كتوبر/تشرين الأول، إنه يتعين على منظمة حزب الاتحاد الديمقراطي أن تتوحد مع قوات النظام السوري، داعيا المنظمة للقتال إلى جانب القوات النظامية في الحرب الدائرة في سوريا.
وكان معهد البحوث الاستراتيجية في موسكو قد استضاف في 20 أكتوبر/تشرين الأول أعمال مؤتمر دولي تحت عنوان “مستقبل تشكيل تحالف دولي لمكافحة الدولة الإسلامية”.
ورغم ان الموضوع الرئيسي للمؤتمر كان سبل مكافحة التنظيم المتطرف، إلا أن مسألة الأكراد طغت على جدول أعمال المؤتمر، واتضح أن الأكراد لا يطالبون موسكو بتسليحهم وإنما يعولون عليها في أن يتاح لهم حكم ذاتي في سوريا وهو أمر ترفضه تركيا بشدّة وتحذر من قيام كيان كردي على تخومها ما يهدد براي مسؤوليها امنها القومي من جهة ويفتح شهية الأكراد في تركيا للسعي الى تشكيل كيان مستقل في شرقها.
ويبدو ان موسكو لم تكتف بما اقرته وتعتزم اقراره من عقوبات اقتصادية على تركيا بسبب اسقاط الأخيرة مقاتلة روسية على الحدود السورية التركية واصرارها على عدم الاعتذار.
وتكثيف روسيا لدعمها لأكراد سوريا يبدو رسالة مضمونة الوصول لنظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مفادها أن موسكو تملك مفتاح أمن الأتراك من جهة الحدود مع سوريا وأنها قادرة على توفير دعم اكبر للأكراد ليكون شوكة في خاصرة تركيا.
ويعكس التحرك الروسي ايضا تنافسا بين واشنطن وموسكو على دعم الأكراد مع اختلاف الاجندات.
وكانت تقارير سابقة اشارت إلى وجود تحالف بين النظام السوري والأكراد ضمن تقاسم النفوذ، متهمة الاسد بأنه يسعى لتقسيم سوريا بالتخلي عن بعض
ميدل ايست أونلاين