مع بدء المرحلة الثانية من “ملحمة حلب الكبرى” والتي اتسمت بتصعيد الأعمال العسكرية الهجومية من قبائل الفصائل العسكرية التابعة للمعارضة السورية ضد المعاقل الأساسية لقوات النظام في أحياء حلب الغربية, بدأت روسيا تخرج عن صمتها “الملغوم” إيزاء التطورات الأخيرة في المعركة والتي يبدو أنها حتى الآن قد نجحت في إحراج النظام وقواته والمليشيات المتحالفة معه في المدينة, تصريحات أطلقها عدد من المسئولون الروس هنا وهناك وبشكل سريع ومفاجئ وجميعها تصب في خانة واحدة, وهي خانة دعم النظام لإيقاف مد قوات المعارضة تجاه مدينة حلب حتى لو تم ذلك على حساب تدمير المدينة بالكامل وتهجير كل من بداخلها!
وبلا شك يعتبر هذا الموقف الروسي هو موقف خطير ويحمل في طياته نية مخيفة ومبيتة ضد الثورة والمدنيين في مدينة حلب, وعموماً كان هذا الموقف الروسي متوقعاً سيما وأن وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” كان قد ربط في وقت سابق بين تعاون الفصائل العسكرية المحاصرة داخل مدينة حلب الشرقية وجبهة فتح الشام المنضوية تحت لواء جيش الفتح والذي يسعى جاهداً لفك الحصار عن أحياء مدينة حلب الشرقية, في إشارة منه إلى الأحقية الروسية بضرب جميع الفصائل العسكرية المعارضة للنظام السوري في حلب بحجة وصفهم “بالإرهاب”.
ليست المشكلة في كون أن روسيا سوف تتدخل إلى جانب قوات النظام في حلب, ولكن المشكلة تكمن في التلميحات الروسية لرسم صورة الهجوم الروسي العنيف الذي تمهد له تصريحات المسئولون الروس في حلب, والذي لا يخلو من لغة التهديد المتشبعة بروح “الوحشية” الروسية على طريقة حروبها في الشيشان وهجوم عاصمتها “غروزني”.
وإذا حاولنا الربط بين الحالة السياسية والعسكرية على الأرض, نجد أن روسيا كانت نعت أي نية أو محاولة منها لاستئناف رعاية مفاوضات السلام في سورية, طبعا على الطريقة الروسية البعيدة عن المصداقية, في ظل غياب أي دور مقابل من المجتمع الدولي لكف يد روسيا عن سورية وشعبها.
وكان العديد من المراقبين والمهتمين بالمشهد السوري قد حذروا في وقت سابق من لعبة روسية جديدة تكمن خلف موقفها من الامتناع عن استهداف أحياء حلب الشرقية وقالوا إن روسيا تخبئ شيئاً ما في جعبتها تجاه مدينة حلب وشعبها وثورتها, وأن روسيا دولة مارقة لا يمكن الوثوق بها على الإطلاق كونها تحاول دائما إفراغ جميع المحاولات الساعية لوقف عمليات القتل التي يمارسها النظام بحق أبناء سورية, بل إن روسا هي طرف معتدي وليس جزء من الحل, لذلك تستمر روسيا بممارسة ألعاب سياسية مكشوفة ومبطنة تهدف لشراء الوقت لمعالجة جميع المستجدات على الساحة السورية وخصوصاً بشقها العسكري, لذلك روسيا لن ترضى بفرضية سيطرة قوات المعارضة على مدينة حلب التي تعتبرها روسيا نقطة تحول أساسية ستساهم في رسم خارطة جديدة للأحداث في سورية حتى لو كان ذلك على حساب تدمير مدينة حلب بالكامل وتطهيرها من ساكنيها بجرائم حرب فظيعة على الطريقة الشيشانية سيعجز المجتمع الدولي عن إيقافها.. فهل أعد التيار السياسي والعسكري المحسوب على الثورة خطة بديلة من شأنها مواجهة الخطر الروسي المحدق في حلب؟!
المركز الصحفي السوري-فادي أبو الجود.