بيد أن محاولات إيران ما لبثت أن تكررت قبل أيام، لكنها أتت هذه المرة من حسن روحاني الرئيس الساعي لتغيير صورة إيران في العالم, والعامل على مد جسور الثقة بينها وبين الغرب, في كافة الملفات الإشكالية, ومن ضمنها الأزمة السورية.
فقد أعلن روحاني في مقالة نشرت الخميس على الموقع الإلكتروني لصحيفة واشنطن بوست الأميركية أن حكومته “مستعدة لتسهيل الحوار” في سوريا بين النظام والمعارضة. وأتى الاقتراح الإيراني مباشرة بعد موافقة دمشق على تسليم ترسانتها الكيميائية, ونجاح الدبلوماسية الروسية في تجنيب النظام ضربة عسكرية أميركية على خلفية قصف الغوطة الشرقية بالكيميائي في 21 أغسطس/آب الماضي.
استنادا إلى هذه المستجدات, ألا تشكل مسارعة المعارضة السورية لرفض العرض الإيراني تسرعا غير مأمون العواقب في ظل التقارب الملحوظ بين روحاني والرئيس الأميركي باراك أوباما؟ وإذا كان الرفض وحده هو مصير العروض التي ستقدم من قبل الأطراف الفاعلة في الصراع, أليس من المنطقي أن تخشى المعارضة السورية من مفاعيل التقارب بين واشنطن وطهران خصوصا مع انعدام فرص الحل العسكري للأزمة؟
قوة مهمة
في إجابته على السؤال الأول يقول القيادي في المعارضة السورية الدكتور عبد الباسط سيدا “نحن دائما نقول إن إيران قوة إقليمية هامة، ونريد أفضل العلاقات بين شعبينا، لكن هذه العلاقات يجب أن تستند إلى حقائق التاريخ والمصالح المشتركة والاعتراف بتضحيات الشعب السوري”.
ويمضي سيدا قائلا إن النظام الإيراني ارتأى أن يكون حليفا لنظام بشار الأسد, “لكنه إذا رأى أن الأسد بات من الماضي وأنه مستعد للتعامل مع مرحلة ما بعد بشار فلن يكون هنالك مشكلة مع روحاني رغم السؤال عن حقيقة امتلاكه للقرار بشأن الملف السوري”، مؤكدا أنه “من الواضح أن هذا الملف بيد المرشد والحرس الثوري”.
من جهته رأى المحلل السياسي ياسر سعد الدين أن “المعارضة ليست ناضجة سياسيا وتنعدم لديها القدرة على التعامل مع المبادرات، ورد فعلها انفعالي حتى عندما ظهر التفاهم الروسي الأميركي حول السلاح الكيميائي”. ودعا المعارضة إلى مطالبة روحاني بمواقف “متوازنة وواضحة بعدما بدأ انفتاحه على فرنسا وغيرها”، ودعاها أيضا إلى التخلي عن “مخاطبة غرائز الشارع”.
مع المحيط
وحول تداعيات التقارب بين طهران وواشنطن على معارضة سوريا، يدعو سيدا طهران إلى تطبيع علاقتها مع محيطها الإقليمي قبل البحث في التطبيع مع واشنطن. وقال إن طهران “اعتمدت منذ البداية أسلوب التصعيد وتصدير الثورة”، مشيرا إلى أنه في حال مراجعة طهران لحساباتها يمكن أن “تسير الأمور في الطريق الصحيح”.
أما المحلل سعد الدين فيرى أن “معارضة غير موحدة، وثوارا منقسمين سيجدون أنفسهم دائما في وضعية اتخاذ ردود أفعال وليس الفعل”، مشيرا إلى أن هنالك “توجها غربيا واضحا في إيجاد تسوية مع طهران، في حين أن الحديث ( لدى المعارضة) يدور على إجبار الأسد على الوصول إلى تسوية”.