في استمرار للمراوغات السياسية الإيرانية وبعد أيام من اعتراف المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي بأن الهجوم على السفارة السعودية في طهران كان «سيئاً بالفعل» وأضر بإيران والإسلام، إضافة إلى تقديم طهران رسالة اعتذار لمجلس الأمن عن الاعتداءات التي طاولت المنشآت الدبلوماسية السعودية، متعهدة بمحاسبة المسؤولين، رفض الرئيس الإيراني حسن روحاني الاعتذار من السعودية عن حادثة إحراق سفارتها في طهران، وقال إنه لا يرى مبرراً للاعتذار. واعتبر روحاني أن «مفتاح العلاقات الودية» مع الولايات المتحدة موجود في واشنطن، مشدداً على أنها لا تستطيع تسوية أية مشكلة في المنطقة من دون «نفوذ» إيران.
وقال روحاني لدى وصوله باريس مساء أمس، عشية لقائه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اليوم (الخميس): «بدأت صفحة جديدة في العلاقات بين إيران والاتحاد الأوروبي، بما في ذلك فرنسا.
ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن مسؤولين اثنين من دول الاتحاد الأوروبي قولهما إن فرنسا طلبت، خلال اجتماع لوزراء الخارجية فيه، النظر في فرض عقوبات جديدة على إيران بسبب تجاربها الصاروخية التي أجرتها أخيراً.
ويأمل روحاني بتوقيع عقود ضخمة في فرنسا، وخصوصاً لشراء طائرات من طراز «آرباص»، علماً بأنه وصل إليها آتياً من روما، حيث شهد توقيع عقود قيمتها 17 بليون يورو مع شركات إيطالية. ووَرَدَ في بيان مشترك، أن إيطاليا وإيران وضعتا «خريطة طريق للتعاون السياسي والاقتصادي والثقافي والسياحي والعلمي والتقني».
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن زيارة روحاني «ستتيح معالجة الوضع الدولي وأزمات إقليمية، إذ نأمل بأن تؤدي إيران دوراً إيجابياً – ولا سيّما في سورية ولبنان – وعلاقاتنا الثنائية، وخصوصاً الاقتصادية. صحيح أن إيران عادت إلى المجتمع الدولي، لكن هذا لا يعني أننا نتفق على كل شيء، وخصوصاً حول سورية».
في الوقت ذاته، ندد رئيس الكنيست (البرلمان) الإسرائيلية يولي أدلشتاين بـ«نفاق» هولاند، مذكّراً أنه سيستقبل روحاني في «اليوم العالمي لإحياء ذكرى المحرقة النازية».
في روما، قال روحاني إن إيران والسعودية «بلدان جاران ومسلمان، لديهما ثقلهما في المنطقة»، مشيراً إلى أن طهران «دعت دوماً إلى علاقات جيدة وأخوية مع السعودية». وأسِف لإعدام نمر النمر، وتحدث عن حرق سفارة المملكة في طهران، وأضاف: «بعضهم انجرف وراء مشاعره في حادثة اقتحام السفارة، ما أسفر عن حرق جزء منها. كنت أول من دان الحادثة رسمياً بعد وقوعها بساعات. اتخذت إيران التدابير اللازمة واعتقلت مهاجمي السفارة الذين سيُحاكَمون».
وسُئل هل ستعتذر طهران من الرياض على حرق السفارة، فاعتبر أن «الاعتذار لا يندرج في إطار الديبلوماسية»، وسأل: «لماذا علينا الاعتذار؟».
وقال: «لا نريد استمرار التوتر مع السعودية، إذ نعتبر أن أي خلاف جديد سيُعقّد الأمور. واستقرار المنطقة وأمنها يصبّان في مصلحة إيران والسعودية».
إلى ذلك، دعا روحاني الأميركيين إلى الاستثمار في بلاده، قائلاً: «لا مشكلة إذا أراد مستثمرون أميركيون ورؤساء الاقتصاد الأميركي أن يأتوا إلى إيران والاستثمار في بلدي. يدركون جيداً أنه عندما يتعلق الأمر بقضايا إقليمية مهمة، لا تمكن تسويتها من دون نفوذ إيران أو كلمتها». ولفت إلى أن إقامة «علاقات ودية» بين إيران والولايات المتحدة أمر «ممكن»، مستدركاً: «لو كان المفتاح في طهران لاستخدمته، لكنه في واشنطن».
الحياة