أبوجعفر رجل ستيني يعيش في أخطر مدينة بالعالم “حلب”، واختار هو الآخر أن يقوم بمهمة تعد من الأخطر في العالم ألا وهي جمع القنابل العنقودية التي لم تنفجر من مخلفات القصف على المدينة، ليكون الملهم لفكرة الروبوت جامع القنابل العنقودية.
جمع القنابل العنقودية مهنة فرضتها الحرب على أهالي حلب، وبالتحديد في جزئها الواقع تحت سيطرة المعارضة السورية، فالمدينة التي تتعرض اليوم لمختلف أنواع القصف دفعت الشاب الحلبي “أحمد” – الذي فضّل عدم ذكر اسم عائلته لأسباب أمنية – إلى اختراع روبوت مهمته جمع القنابل العنقودية”.
“استلهمتُ فكرة الروبوت من أبوجعفر، وهو رجل معروف عند الحلبيين، أخذ على عاتقه جمع القنابل العنقودية”، يقول أحمد لـ”هافينغتون بوست عربي”.
أما أبوجعفر فهو مدير الطبابة الشرعية بمدينة حلب، حيث بات يعمل وابنه على نقل القنابل من الشوارع إلى أماكن بعيدة عن المدنيين، “بتنا كلنا نخاف أن نخسره يوماً ما خلال تأديته هذا العمل الخطير”، بحسب قول أحمد.
الائتلاف.. كوكب آخر
أحمد الشاب الحلبي الذي أجبرته الحرب وتحديداً القصف الشديد على الهرب من مدينته، لم يكن يتخيل يوماً أن يخرج منها، على حد قوله، لكنه اختار مساعدة من بقي من الأهالي بالخبرة التي يمتلكها، ويقول عن الروبوت: “أعتبره بصيص أمل على الأرض، بأن تكون لديه قدرة نوعاً ما على حفظ ما تبقى من أرواح”.
“التمويل شخصي خاصة أن الائتلاف السوري يعيش في كوكب آخر لا علاقة له بما يجري على الأرض”، هي الكلمات التي أجابنا بها أحمد لدى سؤاله عن مصدر تمويله. مضيفاً أنه “على اعتبار أن التمويل شخصي فإننا حتى الآن استطعنا شراء قطعة شهرياً، حيث نجمّع الإلكترونيات من تركيا، أما الهيكل الأساسي فمن الألومنيوم وسيتم تصنيعه في حلب”، مقدراً التكلفة بـ١٠ آلاف دولار أميركي.
ويشرح أحمد لـ”هافينغتون بوست عربي” عن القنابل العنقودية التي تتساقط على أهالي حلب، حيث يقول إن أغلبها ذات حساسية للحركة تنفجر بعد سقوطها لاحقاً إما بسبب حساس الحركة أو المؤقت.
هذا وتتعرض حلب بشكل يومي لقصف عنيف من الطيران الحربي السوري والروسي بمختلف أنواع القنابل والصواريخ، ومنها العنقودية التي تأتي على شكل أسطوانة كبيرة تحتوي على عدد كبير من القنابل الصغيرة، حيث تفتح هذه الأسطوانة قبل وصولها إلى الأرض وتنشر مئات القنابل الصغيرة التي تنفجر مخلفةً الكثير من الدمار والأضرار وتقتل وتصيب أكبر عدد من البشر، بينما يبقى قسم منها غير منفجر، حيث ينفجر فيما بعد عند ملامسته أو تحريكه”.
التحكم من أي مكان
وعن آلية عمل الروبوت يقول أحمد: “الروبوت مزوّد بتقنية عالية جداً وذكية، حيث إن الحساس الموجود في القنبلة لا يمكنه استشعار الروبوت الذي يبلغ طوله متراً وعرضه 70 سم”، أما التحكم بالروبوت فيكون إما عن طريق شبكة داخلية مداها يصل إلى 3 كم، أو عن طريق الإنترنت من أي مكان في العالم.
“خوفي وأهالي حلب على أبوجعفر هو ما دفعني لاختراع الروبوت”، يقول أحمد، ويضيف: “سيتم تدريب عناصر من الدفاع المدني على استخدامه، فهم مدربون على التعامل مع القنابل العنقودية”.
واختتم الشاب الحلبي حديثه بالقول: “الدفاع المدني وأبوجعفر أخذا على عاتقهما هذه المهمة الخطرة، لكننا نشعر بالخوف عليهم، وفي النهاية أن تخسر الروبوت خير من أن تخسر أرواح المزيد”.
هافينغتون بوست عربي | هديل عرجه