أحضر جهاز الشرطة بإمارة دبي الشرطي الآلي ليشارك في التجمع اليومي لإطلاق مدفع الإفطار في محيط برج خليفة وسط الإمارة، والتقط الحاضرون صورا مع الرجل الآلي الذي أدّى التحية العسكرية ووقف إلى جانب المدفع.
ولم تعد قصص أفلام الخيال العلمي بعيدة عن الواقع بعد أن نزل الروبوت الشرطي إلى شوارع دبي لاستلام مهامه في توفير الخدمات للمواطنين والزائرين، وتوفير المعلومات الأمنية لجهاز الشرطة في الإمارة.
وكشفت دبي في شهر مايو الماضي عن عنصر شرطة روبوتي بين قواتها كجزء من خطة شرطة دبي للاعتماد على الأنظمة الذكية بنسبة 25 بالمئة ضمن قواتها بحلول عام 2030.
وانضم أول شرطي آلي ذكي في العالم إلى صفوف كوادر شرطة دبي رسميا، وقدم التحية إلى الضيوف خلال حفل استقبال الأحد 21 مايو.
وخلال مؤتمر “جيسيك 2017” وأثناء الكشف عن مشروع الروبوت الشرطي، قام الإنسان الآلي الجديد بتوجيه التحية إلى الحضور، وبدت تظهر مواصفاته، التي أعلنت عنها الجهات الأمنية، إذ يأتي مزودا بعدة مستشعرات تعمل بتقنيات ذكاء اصطناعي، من بينها قراءة مشاعر الطرف الآخر والتعرف عليها، وقراءة لغة الجسد، فضلًا عن قراءة إشارات اليد.
وتأتي هذه المبادرة لإدخال دوريات الروبوت التفاعلية بالخدمة لتنظيم السير والأمن وجمع المعلومات من مسرح الجريمة، وترشيد الزائرين.
وأكدت شرطة دبي أن “الروبوت ذكي بشكل كامل”، ويمكنه أن يكون بحالة كبيرة من القوة في نهاية العقد الحالي.
ويمكن للروبوت الشرطي التعرف على المباني وأماكن الدخول والخروج، كما يمكنه تحليل ورسم الممرات والطرق الداخلية للمبنى لمساعدة الشرطة في عمليات التفتيش ومداهمة المباني التي تحوم حولها الشكوك بوجود أشخاص من مرتكبي الجرائم بداخلها.

الشرطي الآلي يمتلك ذكاء اصطناعيا متطورا
وقال العقيد خالد ناصر الرزوقي “نحن نسعى لتوفير هذه الأنواع من الخدمات لأن عدد السكان آخذ في التوسع، وبهذه الطريقة يمكننا تقديم خدمات أفضل دون الحاجة إلى توظيف المزيد من الناس”.
وسيتم استخدام الجيل الأول من روبوت الشرطة في المواقع السياحية والأماكن العامة المزدحمة، مثل مراكز التسوق.
والجدير بالذكر أن الروبوت حظي بترقية من شرطي إلى ملازم عند عرض الروبوت لأول مرة بمعرض جيتكس عام 2016.
وسيتفاعل الروبوت بشكل مباشر مع السكان والسائحين، وسوف يحتوي على شاشات تفاعلية وميكروفونات متصلة بمراكز الاتصال بشرطة دبي.
وباستخدام شاشة لمس يحملها الشرطي الروبوت بصدره، يمكن للمارة الإبلاغ عن المخالفات والجرائم وكذلك دفع الرسوم المرورية بشكل فوري.
ورغم أن هذه الخطوة تبدو متواضعة نظرا إلى المهام التي سيكلف بها الشرطي الآلي، فإنها تعتبر بداية لمشروع طموح وكبير، ضمن مشروع “دبي الذكية”.
ويهدف مخطط شرطة دبي إلى بناء مراكز شرطة تتم إدارتها بشكل كامل من طرف روبوت سنة 2030، بحيث تصل نسبة الروبوت إلى 25 بالمئة من مجموع قوات الشرطة في دبي.
الروبوت في خدمة السياحة
لم يعد حاجز اللغة عائقا أمام السائحين الذين لا يتقنون العربية أو الإنكليزية أثناء زيارتهم دبي، فإذا أرادوا البحث أو الاستفسار عن موقع سياحي أو مولات للتسوق أو مواقع تراثية في المدينة، فما عليهم إلا التوجه إلى الروبوت الملازم وسؤاله بلغة من اللغات الست التي يتقنها وسيجيبهم مع الابتسامة وحسن الاستقبال.
وكشف العميد خالد الرزوقي أنه من المتوقع إطلاق عدد من رجال الشرطة الآليين تباعا في المناطق السياحية، وسيتم توزيعها على الشواطئ والأسواق كذلك في أماكن الازدحام مثل القرية العالمية وبرج خليفة وغيره من الأماكن الراقية.
وزوّد الملازم الآلي بخاصية التعرف على صراخ الأطفال والتوجه إليهم ومساعدتهم عبر نقل صورة حية من الموقع إلى غرفة العمليات، والتحدث إلى الأطفال لتهدئتهم إلى حين وصول ذويهم أو اصطحابهم إلى المكان المخصص لرعايتهم.

شرطي يبتسم ويجيب السياح بست لغات
وسيتجول ملازم الشرطة الآلي بمرونة في المناطق السياحية والمراكز التجارية، لتقديم كل المعلومات، سواء تلك التي يحتاجها السائح، أو أيّ من المواطنين أو المقيمين الآخرين، بل إن دوره الحقيقي يتجاوز مجرد تلقي الاستفسارات من الجمهور والتجاوب معهم في أماكنهم، إذ يعزز ثقة الناس بالأمن ويشعرهم بوجوده بطريقة مبتكرة ومحببة للنفس وخالية من الرسميات أو المظهر العسكري.
ويُحاكي الروبوت المزود بشاشة تفاعلية وميكرفون متصل بمراكز الاتصال في شرطة دبي مظهر ضباط الشرطة في التفاعل مباشرة مع الناس والسياح.
ويمكن للشرطي الآلي أيضا تقديم الخدمات إلى الجمهور عبر 6 لغات مختلفة بما فيها العربية والإنكليزية وغيرها، فضلا عن إمكانية الدردشة والتفاعل، والرد على استفسارات الجمهور، والمصافحة، وتقديم التحية العسكرية.
ويمكن لهذا الشرطي الروبوت رصد تعابير السعادة والحزن والابتسام على وجوه الناس، كما أنه بمقدوره تغيير تعابيره وطريقة تحيته لتعزيز الطمأنينة والراحة في نفوس الأشخاص الذين يتعاملون معه.
ويمتاز الشرطي الآلي بمهارات متعددة مثل القدرة على رسم خرائط للأجزاء الداخلية في المباني والتنقل بشكل آلي عن طريق نظام تحكم ذاتي وميزة مبتكرة للحركة.
وقال عدنان علي، رئيس قسم الابتكارات التقنية في شرطة دبي “نحن أعددنا لاستخدام هذا الروبوت في المناطق السياحية بداية من عام 2017، بالقرب من برج خليفة وغيره من المناطق، وبحلول عام 2020 نتوقع توسيع مجال خدمة الروبوت لتشمل مناطق عديدة”.
مراقبة حركة المرور
يقول المسؤول الإماراتي “سيكون بمقدور الناس طرح أسئلة على الروبوت وتقديم الشكاوى له، وسينطوي الأمر أيضا على متعة للتفاعل مع هذا الروبوت”.
وسيجيب الروبوت المزوّد بالذكاء الاصطناعي على أسئلة الناس، بالإضافة إلى استقباله للاستفسارات والشكاوى، إضافة إلى أنه ينزل إلى مستوى الصوت حسب طول الشخص ويقوم بشحن نفسه بنفسه دون أي تدخل، حيث يمارس عمله لمدة 8 ساعات ثم يقوم بالشحن ويعود إلى الخدمة مرة أخرى.
ويقول العميد خالد الرزوقي، إن فكرة استخدام روبوت لخدمة الجمهور بشكل آلي وسريع تحظى حاليا باهتمام عالمي، إلا أن شرطة دبي سبقت الجميع بإنهاء أحدث وأفضل نسخة من رجل الشرطة الآلي والذي تمت تجربته على مدار عام ونصف العام وإعادة برمجته ليقدم الخدمات الملائمة للجمهور.
من هذه الخدمات دفع المخالفات المرورية وطلب شهادات حسن سير وسلوك والاستفسارات العامة أو الإبلاغ الفوري عن مفقودات أو سرقات أو الاشتباه بأشخاص.
والشرطي الآلي يمتلك ذكاء اصطناعيا متطورا، إذ بإمكانه أن يغلق تلقائيا في حالة العبث به، كما أنه مزود بزر للطوارئ ينقل الشخص إلى غرفة العمليات للتحدث مع الموظف المناوب وجها لوجه مثل تقنية المحادثات المرئية.

يتعرف على صراخ الأطفال ويساعدهم
وستساعد الكاميرات المزوّدة بالروبوت على تقديم بث حي إلى مركز التحكم بالقيادة العامة لشرطة دبي عن محيطه، وقد يساعد مستقبلا عناصر الشرطة في القبض على المطلوبين من خلال التعرف عليهم بخاصية التعرف على الوجه.
وأضاف الرزوقي بأن هذا الروبوت، لن يحل مكان الكوادر البشرية، بل أشار إلى أن تواجده بين قوات الشرطة سيتيح توزيع المهام لتحديد أدوار العناصر البشرية بشكل أفضل. كما أن شرطة دبي تعمل على تطوير أنظمة مزوّدة بالذكاء الاصطناعي ضمن خططها المستقبلية للتنبؤ بأماكن وقوع الحوادث المرورية وأيضاً التنبؤ بالجرائم قبل وقوعها.
وتحتاج الشرطة الروبوت كثيرا في عملياتها المصحوبة بدرجة عالية من الخطورة، مثل تفكيك قنبلة أو القبض على أحد العناصر الخطرة، إضافة إلى المخاطر التي قد تمس حياة أفراد الشرطة وحياة المحيطين بالمكان من خلال عمليات تفجير أو تدمير.
يذكر أن شرطة دبي قد تبنت مشروعا لصناعة روبوت متخصص في جمع الأدلة الخطرة من مسرح الجريمة تقدم به خمسة طلاب إماراتيين من مدرسة الراشدية.
وقال الطلبة الذين قاموا بالجمع والتركيب والبرمجة، إن الروبوت يجمع الأدلة الجنائية ويمكن التحكم به عن بعد، وتوجد به كاميرا تتصل بالهاتف لرؤية مكان الجريمة بدرجة 140. ومن الصفات التي يتحلى بها الروبوت الشرطي في دبي أنه لا يحمل أسلحة، وليس المطلوب منه إيقاف الأشخاص، بل ستقتصر مهمته على البحث عن الأشخاص المتهمين بمخالفات وجرائم، والقيام بجولات في الأماكن العامة وتسجيل كل ما تراه عيناه.
الجدير بالذكر أن روسيا أعلنت في وقت سابق عن تطويرها لروبوت يستخدم المسدس بكفاءة عالية، لكن الخبراء يتوقعون أن العالم غير مستعد لتقبل هذا النوع من الشرطة الآلية التي قد تخترق القوانين، وخاصة ذلك القانون الذي وضعه إسحاق عظيموف قبل 75 سنة والذي ينصّ على أنه يمنع على الروبوت إيذاء الإنسان مهما كانت الظروف.
فكرة الشرطي المسلح القادر على إطلاق النار أو القبض على الآخرين أو شل حركتهم فكرة مخيفة نظرا لأن بنياتنا التحتية الإلكترونية ليست بالكمال الذي يمكننا معها الوثوق بالذكاء الاصطناعي وسرعة رد فعله ومدى صحة قراراته.
العرب اللندنية