بعد أكثر من عقد من الصراع، لا تزال أزمة اللاجئين السوريين هي الأكبر في العالم في الآونة الأخيرة، حيث أجبرت الحرب منذ بدايتها في عام 2011، آلاف العائلات على ترك منازلهم والبحث عن الأمان في أماكن أخرى.
لم يتوقف الكثيرون في البلدان المجاورة لسوريا مثل “تركيا ولبنان” بل توغلوا أكثر في أوروبا بحثاً عن مستقبل أفضل، مما تسبب في موجة لاجئين ضخمة وغير مسبوقة. حسب ما نشر موقع “Jens Hittrien” اليوم الجمعة 10 أيلول/سبتمبر، وترجم عنه المركز الصحفي السوري بتصرّف.
وتحت هذا السطح من تيارات الأبرياء الفارين من الصراع والاضطهاد، يكمن واقع أكثر سوداوية، يتمثّل بطبقة فرعية ركبت موجة اللاجئين هذه وأساءت استخدام ضيافة الدول الغربية، لأسباب ليست دائماً حميدة أو يمكن حتى وصفها بأنها ضارّة بشكل مباشر.
تتمحور هذه المجموعات من المستغلين وراكبي موجة اللجوء السورية بدءا من المستفيدين الاقتصاديين إلى مقاتلي الميليشيات وأعضاء المخابرات والتي تشترك جميعها بالدعم القوي لرأس النظام “بشار الأسد”، مما قد يعرض اللاجئين السوريين الحقيقيين للخطر بسبب ذلك.
كشف تحقيق سري كانت قد أجرته صحيفة “التلغراف” عام 2013 عن شبكة تعريب منظمة للنخبة تمرّ عبر لبنان وتركيا إلى مدن أوروبية مثل باريس وستوكهولم ولندن, والتي تمّ عن طريقها تهريب أثرياء سوريا إلى أوروبا على متن طائرات وسفن رحلات بحرية فاخرة، باستخدام التأشيرات المزورة يتمّ تجاهلها واستبدالها بطلب لجوء بمجرد الوصول إلى بلد المقصد “الأوروبي”.
وبعد حصول أولئك الموالين لرأس النظام وحكومته على اللجوء أو الإقامة يقومون بشكل منتظم برحلات إلى مناطق سيطرة النظام باستخدام العديد من الحيل للبقاء تحت الرادار، حتى لا يتمّ كشفهم من قبل سلطات الهجرة في بلد الإقامة ويفقدهم صفة اللجوء.
تعتبر بيروت إحدى أهم المدن التي يستخدمها موالو الأسد اللاجئون في أوروبا، كمحطة أخيرة قبل العبور إلى سوريا, كالمدعو “كيفورك الماسيان” الذي حصل على طلب لجوء في ألمانيا بالرغم من أنّه مؤيد لرأس النظام السوري وناشط في مجال الدعاية له.
وعلى الرغم من أنّ الماسيان يحمل صفة اللاجئ، إلاّ أنّه انضمّ إلى حزب “AFD” اليميني المتطرّف المعروف بمعاداته للاجئين في ألمانيا، حيث لم يكتفِ بهذا فقط وإنّما صرّح أنّه لجأ لأسباب اقتصادية فقط وليس لديه تهديد على حياته من نظام الأسد مؤكّداً أنّ بإمكانه العودة إلى سوريا.
دفع ذلك كلّه بالإضافة إلى حملة أجراها ناشطون سوريون عن الماسيان هيئة الهجرة الألمانية لإلغاء لجوئه، ولكن بما أن ألمانيا لديها حظر للترحيل، فإنّ الإعادة القسرية إلى سوريا تظلّ حبراً على ورق، حيث تشير حسابات الماسيان على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أنه لا يزال مقيماً في ألمانيا، ويستمر بدعم نظام الأسد بنشاط.
الجدير ذكره أنّه بالرغم من أنّ حالة الماسيان قد تكون أحد أفضل الأمثلة المعروفة على استغلال سوري لوضع اللاجئ لمصلحته الخاصة، إلاّ أنّه ليس الحالة الوحيدة، فقد اتخذ عدد كبير من عناصر قوات النظام ومقاتلي الميليشيات الموالية له خيار اللجوء إلى أوروبا بعد سنوات من الخدمة النشطة في مقاتلة مناهضي الأسد وحكومته.
ترجمة: محمد المعري
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع