زهرة هي فتاة في ربيع عمرها، لديها أنامل مبدعة ترسم، تخطط، تزخرف، هي فتاة تراها كمثيلاتها من الفتيات، لكن ما إن حدثتها لا تجيب وإن ناديتها لا تسمع فهي بكماء وصماء.
لم يكن الكلام عند زهرة الطريقة الوحيدة لإبداء رأيها، ولم يكن الاستماع للناس هو الحل الوحيد للتعبير عنه، فإبداعها بالرسم كان وسيلة تواصلها مع العالم الخارجي.
لم تعش حياة الحزن بسبب حالتها، بل كان دافعا لها لتكون مثالا يحتذى به، ليس فقط لمثيلاتها بل لجميع الفتيات المعافيات، فبإبداعها تفوقت على كل سليم معافى.
ترسم زهرة العديد من اللوحات وتخطط كلمات بالخط العربي المزخرف، بالإضافة إلى أشغال يدوية، وشعارها في الحياة “نعم لدي حلم” وتكتبه بالإنكليزية على احدى لوحاتها’”yes I have a dream”، وكم تعطي كلماتها ولوحاتها بذورا من الأمل بأن سوريا تنجب أشخاصا مبدعين رغم كل ظروفهم الخاصة أو المحيطة بهم، فأحلامها الصغيرة تكبر يوما بعد يوم على أمل أن تؤثر لوحاتها وفنها في الناس وتكون فاعلة في المجتمع لا عالة عليه، فتشارك زهرة بمعارض عدة وأبرز المعارض معرض منظمة بارقة أمل في مدينة ادلب.
تبنت المنظمة معظم لوحاتها وأعمالها في معرض التراث الشعبي والأشغال اليدوية فصوتها الفني و أفكارها ستصل من خلال أشغالها اليدوية، طرحت زهرة عدة أفكار في معرضها وكانت أغلبها عن معاناة السوريين وعن قضايا تهمهم، ففي إحدى اللوحات تقول “أخي السوري حملك ثقيل بس ربك كريم” وأيضا تكلمت عن موضوع هجرة السوريين من وجهة نظرها، فعبرت بإحدى لوحاتها أن ” أحلام الهجرة وهم وليست أحلام وردية”، وكما أنها لم تنسى مدينتها جسر الشغور فرسمت لوحة ضمت كل التراث الشغوري، وتتميز لوحات زهرة بدقة التفاصيل مع قدرتها على نقل المشاعر الإنسانية ونقل المعاناة من خلال الألوان، فرسمت عن الطفل السوري بظل الحرب ونقلت دموعه إلى لوحت تحكي قصة تشرده.
أسرت لوحاتها قلوب كل من شاهدها فصوتها الفني علا أصوات المتحدثين وأوصل صوت الشارع السوري بكل آلامه وأوجاعه في الحرب، ورغم أنها فاقدة للسمع والنطق إلا أنها ظلت شاكرة لله متمسكة بقرآنه، فتحدثت بلوحة فنية أن القرآن ربيع القلوب، حيث رسمت طفلا يحضن المصحف فأغرقت حضور المعرض بمشاعر دافئة و نقلت إحساسا بالهدوء الروحي.
أنامل رسمت منذ نعومة أظفارها، وعقل أبدع بأفكاره، وصوت أوصل أفكارا لم تستطع الألسن أن توصلها، فليس كل من يتكلم قد تكلم وليس من كل من ليس له صوت أبكم، نعم الأحلام والطموحات أعلى من أي صوت، فإحساسها بمعاناة غيرها جعل صوتها قويا يهدر بصمت يؤثر بكل من يرى إبداعاتها، فأغلب ما رسمت عن الطفولة السورية في ظل الحرب، فهي ترسم بكل إيمان ببلدها وأطفاله وإيمانا منها بالأمل في المستقبل القادم بأنه الأفضل رغم الحرب.
ايه رضوان
المركز الصحفي السوري