رسمت أغنية المنشد المغربي رشيد غلام الجديدة تعابير الطفل السوري النازح بكيفياتها الإنسانية المتعددة، وجسدت بلا رتوش واقع الطفولة “البارد” من قسوة المعاناة.
وتتحدث “صرخة.. رسالة طفل لاجئ” -وهي أغنية مصورة أنتجتها الهيئة العالمية للإغاثة والتنمية “انصُر” بصوت سفيرها الفنان غلام- عن طفل سوري نازح يشرح معاناته مع فصل الشتاء، وكيف انتقل من بيته الآمن وغرفته الدافئة إلى خيمة بالكاد تصمد أمام برد الشتاء القارس على الحدود السورية التركية.
يصور الكليب المفارقة بين شعور الطفل السوري النازح بوصول الثلج، ومشاعره حين كان يعيش آمنا في بيته الدافئ، كما يظهر الرابط بين براءة الطفولة وبياض الثلج بالتصوير الفني واللغوي.
لكن تميّز الكليب الفني يكمن في استخدامه للكلمات الفصحى التي كتبتها الشاعرة أمل شقير، وجودة المونتاج العالية، ودقة المزج بين الصور الحية والتصميم الفني المتقن، فضلا عن صوت الفنان غلام الذي كثيرا ما خرج من رحم المعاناة.
رسالة إنسانية
ووفقا المدير التنفيذي لهيئة “انصر” المهندس حمزة العبد الله فإن الصرخة هي من الإنتاجات الإعلامية لحملة “قبل أن يلتهمهم البرد” التي أطلقتها لإغاثة النازحين داخل سوريا واللاجئين خارجها، مؤكدا أن الأغنية عكست الواقع الجماعي للنازحين وبيئتهم.
وقال العبد الله للجزيرة نت إن الأغنية خاطبت الضمير الإنساني ولفتت انتباه جمهور الفن إلى قضية النازحين، لتجسد دور الفن في عكس الرسالة الإنسانية السامية.
وأكد أن الهيئة تولي اهتماما بتأطير الفن في المجال الإنساني، وأنها لهذا السبب اختارت الفنان غلام أول سفير لها، وهي تجري ترتيبات لتعيين سفراء آخرين في الفن والرياضة للاستفادة من نجوميتهم في لفت النظر إلى القضية الإنسانية والمعاناة في سوريا.
وقد انتجت هيئة “انصر” العديد من الأعمال الفنية التي تواكب البعد الإنساني للملف السوري، منها إنتاجات للفنانين السوريين أحمد الشريقي ويزن نسيبة، وأخرى للفنانة الفلسطينية ميس شلش التي قدمت عملا مشتركا مع الفنان نسيبة.
وتحفل مكتبة الصوتيات والمرئيات العربية بأغان كثيرة عن “المأساة السورية” بثوبها الإنساني، مثل أغنية “شو طالت علينا” لمحمود أنور، و”الشام تبكي” للعراقي عبد القادر الحامدي، وأغنية “سفرني عأي بلد” التي تشرح معاناة هجرة السوريين في بحور المخاطر إلى أوروبا.
واقع الألم
وتمتاز صرخة المغربي رشيد غلام بإيقاعها الواقعي، فقد سبق إطلاق الأغنية مرافقته لطواقم هيئة “انصر” إلى المناطق الحدودية عدة مرات ضمن قوافل إنسانية، فعايش النازحين واقترب منهم وسمع عن حكاياتهم عن كثب، واستحضر الصور بحس فني واقعي.
ويؤكد غلام للجزيرة نت أن كليب “الصرخة” تميز بقوة اللحن والموسيقى التعبيرية التي صاحبت الكلمات لتوصلها إلى المشاهد والمستمع بشكل أقوى وأكثر نفاذا.
ويوضح صورة التحرك الإيقاعي للأغنية المصورة بقوله “في بداية الكليب تحس بألم الطفل في ظروفه القاسية، وفي وسطه تصف انفعالاته وهو يتذكر بيته الدافئ على الإيقاع والنغم السعيد الذي يظهر الفرحة التي ما زال يبحث عنها، وصولا إلى ختام الكليب بالصرخة التي نأمل أن تصل العالم”.
ويشير إلى اعتماد مونتاج الفيديو على الصورة الحية دون بناء سيناريو تنفيذي، للاستفادة من قوة الصورة الواقعية في إظهار معاناة الطفل اللاجئ وإبراز تقاسيم وجهه التي كستها المعاناة.
ويبدي الفنان غلام اهتماما لافتا بالقضايا الإنسانية في العالم العربي والإسلامي، لكنه يعاني شخصيا من التضييق في وطنه المغرب، حيث يمنع منذ العام 2000 من الظهور على وسائل الإعلام أو المشاركة بأي فعاليات فنية.
ويقول “منذ 15 عاما وكافة وسائل الإعلام والفن مغلقة في وجهي بالمغرب.. أنا لا أبحث عن المنصات الرسمية، لكنهم يغلقون مسارح الفن ومنابر الإعلام الخاص بوجهي لأني أغرد خارج سرب التسبيح بحمد النظام الذي يزعمون أنه يحترم الحريات والتعبير”.
وقد أطلق غلام حملة للمطالبة بفتح منصات الفن في المغرب أمامه، استهلها بوقفة أمام البرلمان المغربي بالعاصمة الرباط في اليوم العالمي لحقوق الإنسان (10 ديسمبر/كانون الأول الماضي)، وأعلن اليوم أنه سيواصل هذه الحملة أمام المنظمات والمحاكم الدولية إلى أن تتحقق مطالبه.
المصدر : الجزيرة