بدا ملفتا أن ينعي الحرس الثوري الإيراني في السابع من الشهر الجاري 13 مستشارا عسكريا إيرانيا دفعة واحدة، قال إنهم قتلوا خلال مواجهات مع المعارضة السورية المسلحة في ريف حلب الجنوبي، تلك البقعة الجغرافية التي تحولت إلى ما يشبه الثقب الأسود بالنسبة للإيرانيين وقوات النظام والمليشيات المساندة لها من لبنان والعراق.
وجاء في تفاصيل النعي أن هؤلاء المستشارين من مازندران (شمال إيران)، وأغفل الناطق باسم الحرس الثوري الإيراني خلال تصريحه لوكالة أنباء “فارس” رتبهم العسكرية.
وكانت العادة جرت أن ينعي الحرس الثوري قتلاه على دفعات، وينشر أخبارهم بشكل منفرد ومتقاطر على عدة أيام.
نحن هنا
يرى المحلل العسكري العقيد أديب العليوي إن الإيرانيين شعروا بالحرج عندما قلل الروس من شأنهم في خريطة الصراع بسوريا، لا سيما بعدما أعلنت روسيا انسحابها المزعوم، حيث بدت من خلال ذلك أنها الداعم الأقوى واللاعب الأبرز في المعادلة السورية.
ويضيف للجزيرة نت أن إيران أرادت من هذا النعي الجماعي لـ13 مستشارا عسكريا أن تقول للجميع إنها موجودة على الأرض السورية، وإنها تبذل الدماء هناك، وإنها يوما ستأخذ ثمن تلك الدماء من خلال خريطة الحل التي يمكن أن تطبق في سوريا، ولا بد أن يحسب حسابها في “الكعكة السورية”.
وبحسب العليوي، فإن إيران لم تعد تكتفي بالإعلان عن قتلاها، وإنما لجأت إلى تضخيم مشاركتها في سوريا، حتى ترسل رسائل للمجتمع الدولي واللاعبين في المشهد السوري بأن تلك التضحيات لقواتها لا بد أن يحسب حسابها، وأن تطرح على طاولة التفاوض ليكون لها مقابل.
رسائل لروسيا
من جهته، يرى الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء مأمون أبو نوار أن إعلان الإيرانيين عن قتلاهم بهذا الشكل يحمل في طياته عدة رسائل؛ أبرزها رسائل موجهة إلى روسيا، حيث تريد إيران أن تقول إنها حاضرة بقوة في سوريا، وإنها تقاتل على الأرض، وإنها تملك ناصية الصراع في مناطق جغرافية عدة مهمة ومؤثرة مثل مدينة حلب وريفها الجنوبي الإستراتيجي.
ويضيف أبو نوار للجزيرة نت أن إيران أرادت تأكيد أن روسيا لن تكون منفردة في صناعة مصير النظام السوري ورأسه، إذ إنها على ما يبدو ترى إمكانية أن يتخلى الروس عن الرئيس بشار الأسد ما دامت ضمنت مصالحها في سوريا، ومن ثم تريد إيران التذكير دوما بأنها متغير قوي على الخارطة العسكرية في سوريا.
وأضاف أن الخسائر التي باتت تتكبدها إيران في ريف حلب الجنوبي تعود إلى إعادة تفعيل غرفة عمليات “جيش الفتح” التابعة للمعارضة المسلحة، بعدما أثبتت نجاعة وأعطت نتائج حقيقة على الأرض من خلال تجربة السيطرة على كامل مدينة إدلب خلال فترة قصيرة، حيث باتت المعارضة تستنسخ التجربة في ريف حلب الجنوبي.
ويرى اللواء أبو نوار أن غياب الغطاء الجوي للقوات الإيرانية، وقوات النظام إلى جانبها، أدى أيضا إلى تكبدها خسائر فادحة في الأرواح البشرية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن جبهة النصرة حاضرة بقوة في ريف حلب الجنوبي ضمن غرفة عمليات جيش الفتح، وهي إلى جانب جند الأقصى، والحزب الإسلامي التركستاني، تتبع تكتيكات قوية من خلال استخدام المفخخات وعنصر المفاجأة أو الصدمة النفسية للعدو، وهو نوع لا تبدو قوات النظام والمليشيات الإيرانية وغيرهما مدربة على مواجهته.