يبدو أن تلك التطورات قد دفعت نظام الأسد للردّ بالمثل على الرسائل الروسية بذات الطريقة، ومن خلال أمين سرّ مجلس الشعب السوري (البرلمان) خالد العبود، الذي نشر مقالاً على صفحته على “فيسبوك” بمثابة “رأي”، من شخص يملك صفة اعتبارية محسوبة على النظام، وبعنوان صادم “ماذا لو غضب الأسد من بوتين؟”. ويبدو أن الهدف من نشر المقال التعبير عن نوع من الغضب من جانب النظام على التسريبات الروسية التي حاولت أن تشكّك به. ولأن تلك التسريبات، التي جاءت بالتزامن مع قضية رامي مخلوف، استطاعت أن تهزّ شيئاً من صورته لدى أنصاره، وكادت أن تتسبب بتطورات يمكن أن تقسم الصف ضمن منظومة الفساد داخله، فجاء رد الأخير من خلال العبود محاولة منه لترميم مكانته لدى حاضنته ومؤيديه، وذلك عبر إظهاره جسماً متماسكاً ومستقلاً لا يقبل التهديد حتى من دولة عظمى ساندته كروسيا، ومن أجل نفي تهمة ارتهان قرار النظام لروسيا أمام جمهوره الذي بات في معظمه مدركاً أن النظام لم يعد يملك من قراره شيئاً. وربما أراد النظام من خلال العبود توجيه رسالة لروسيا، بأنه ما زال رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه بسهولة، من خلال تذكير موسكو بالمكاسب التي حققتها بتدخلها لصالح الأسد، وبأن وجود بشار الأسد في الحكم هو الضمانة الوحيدة لاستمرارها.
إلا أن النظام في الوقت عينه دفع بعض المحسوبين عليه للرد على مبالغات العبود عبر وسائل إعلامه شبه الرسمية، والتأكيد على متانة العلاقة بين روسيا ونظام الأسد، وتفنيد ما كتبه تحت بند “الرأي” والطلب منه حذفه بداعي المصلحة الوطنية، فيما أيّد بعضهم ما كتبه أمين سرّ مجلس الشعب، معتبراً أن جزءاً منه صحيح، فيما هناك مبالغات في جزء آخر، فبدت مادة العبود والردود عليها وكأنها نوع من حرية التعبير.
مَن يعرف طرق ومعايير الكتابة في وسائل إعلام النظام، وحتى على وسائل التواصل الاجتماعي، يعرف أن ما كتبه العبود وجميع الردود عليها لا يمكن أن تنشر ضمن الفضاء الإلكتروني ما لم تحظَ بموافقة الجهات الأمنية المعنية بمتابعة هذا الأمر. ومهما يكن من أمر رد النظام على تسريبات وسائل الإعلام الروسية، إلا أن ما هو واضح أن أي تغيّر في الموقف الروسي تجاه نظام بشار الأسد سيكون مرتبطاً بالدرجة الأولى بمصالح موسكو، وبمدى التفاهم الذي يمكن أن تحققه مع واشنطن لحل القضية السورية سياسياً.