“رامز قرش البحر” “رامز أكل الجو”.. رامز في كل مكان، فحيثما ولّيت وجهك ستجد رامز جلال، مقدّم برامج الإثارة على تلفزيون MBC التي تتولّى بنفسها قيادة المشاهد العربي في شهر رمضان لتقدّم ما تراه من وجبات “ترفيهية” للجمهور.
في هذا الموسم الرمضاني أراد جلال أن يواصل النسج على المنوال ذاته من خلال “رامز تحت الأرض”. وتقوم فكرة البرنامج على استدعاء مطرب أو ممثل أو رياضي أو أي شخصية مشهورة، لتسجيل مقابلة تلفزيونية، ثم يُطلب من الضيف تصوير برومو الحلقة في الصحراء، ليتم استدراجه للمرور في منطقة فيها رمالٌ متحرّكة، فتبدأ الإثارة عندما يظهر رامز جلال وهو مختبئ داخل سحلية كبيرة الحجم من نوع “تنين كومودو” وتهاجم الضيف، إلى أن يكشف رامز عن نفسه.
الرعب “المضحك”
هذه الأفكار لا تختلف عملياً عن مقلب الطائرة التي كادت تهبط بشخص مشهور في برنامج “رامز واكل الجو”، ولا تختلف أيضاً عن القرش الذي يهاجم الضيف في “رامز قرش البحر”، جميع هذه البرامج باتت مستنسخة عن بعضها البعض، ولم تعد تقدّم شيئاً جديداً أو ملفتاً للمشاهد.
غير أن الضجة الكبيرة التي يلقاها “رامز جلال” في كل موسم، والمشاهدات العالية جداً التي يحصدها برنامجه تؤكّد بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه البرامج باتت مرغوبة من قبل عدد كبير من المتابعين، وهنا يمكن القول أن الكوميديا بفروعها وأنواعها فقدت بريقها، حيث باتت مختزلة بأسلوب واحد قائم على العنف والتخويف وإيصال “الضحية” إلى مرحلة مبالغ فيها من الرعب، واستنطاق ما لدى الضيف من مخزون انفعالي يظهر من خلال الكلام البذيء تحديداً.
حلقة استثنائية
قبل أيام، كان ضيف “رامز تحت الأرض” نجم بوليود “شاروخان” في حلقة استثنائية من البرنامج، وتصدّر هاشتاغ “رامز تحت الأرض” موقع تويتر ليكون الأكثر تداولاً، بعد المقلب الذي قام به رامز مع شاروخان.
وكانت ملفتاً حجم الغضب الذي قابل به شاروخان المقلب، خصوصاً حين سأله مستنكراً: “هل أحضرتني من الهند من أجل هذا؟ إذا كنت ترى هذا ممتعاً فتعال إليّ سأريك كيف يكون المزاح”.
ورغم محاولة رامز تهدئته فإنه لم ينجح بذلك، وبعد التوسلات التفت شاروخان وقال له: “ابتعد عني ولا تلاحقني وإلا دفنتك هنا في الرمال”.
الرد العنيف لنجم بوليود شاروخان عبّر بشكلٍ واقعي عن أثر هذا المقلب الخطير، والذي من الممكن أن يتسبب بجلطةٍ أو نوبة قلبية.
فتاوى
لم يتوقف تأثير البرنامج على الضيوف والمتابعين بل طالت ارتداداته مجالات أخرى تتجاوز النقد، فقبل أيام أصدر العالم الأزهري الشيخ السيد سليمان، فتوى يعتبر فيها أن برنامج المقالب “رامز تحت الأرض” حرام شرعاً.
وقال سليمان: “إن البرامج التي تثير الرعب والخوف لدى الضيوف مثل برنامج رامز جلال هي حرام شرعاً، وإن الشرع يحرّم إخافة الإنسان للآخرين، لدرجة أن الرسول نهى عن أن يشير الإنسان في وجه الآخر حتى ولو كان مزاحاً”.
وأشار سليمان في بيانٍ له، إلى أن مثل هذه البرامج قد تؤدي إلى الإضرار بالضيوف، فقد يفقد أحدهم حياته في حال كان يعاني من أمراض معينة، موضحاً أن “الشرع يحرم الإضرار بالفرد والجماعة أو بالدولة أو الإنسان، وأن منع الضرر يسري أيضاً على الحيوان وهذه إحدى القواعد الكبرى التي يرتكز عليها الفقه الإسلامي”.
ولفت إلى أن مثل هذه البرامج تدفع بالضيوف المشاركين إلى التعصب والتهور الأخلاقي والسب والشتم على هذا العمل الشاذ البعيد عن كل وصف فني.
وحول تسامح الضيوف مع القائمين على هذه البرامج، اعتبر سليمان أنه في هذه الحالة يكون الضيف قد تنازل عن حقه الشخصي فقط وأما العمل نفسه فهو محرم شرعاً.
هل يتم إيقاف البرنامج؟
كل تلك التراكمات أدت إلى مواجهة البرنامج لخطر الإيقاف، وذلك على خلفية دعوتين قضائيتين في مصر، الأولى تتهمه بسرقة الفكرة، والثانية بمخالفة تعليمات المجلس الأعلى لتنظيم وسائل الإعلام.
وبحسب ما نشر موقع “اليوم السابع” المصري، فقد قررت لجنة الخبراء بمحكمة القاهرة الاقتصادية، فحص الحلقات الأولى من البرنامج لإصدار قرارها في إيقاف البرنامج من عدمه، بعد اتهامه بسرقة فكرة برنامج كان مقرراً عرضه تحت عنوان “رمال متحركة”، للمؤلف أمين جمال عبد الفتاح.
أما الدعوى الثانية فقد أقامها المحامي سمير صبري أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، طالب فيها بوقف البرنامج لأن في محتواه “إسفاف واستخفاف بالعقول، وسلة قمامة مليئة بالألفاظ الخارجة والإيحاءات والخروج عن القيم المجتمعية، بخلاف ما يحتويه من مخالفات عديدة”. على حد قوله.
ووفقاً للدعوى، فإن هذا البرنامج خالف تحذير المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بنشره مضمون إعلامي فيه ألفاظ بذيئة وأمور تهدد قيم المجتمع.
مبالغ خيالية
في المقابل يبرز التساؤل عن المقابل الذي يتقاضاه المشاهير لقاء تعرضهم لمقالب رامز المرعبة. ولعل إيراد الأرقام هنا كفيل بالإجابة على ذلك، ففي حين بلغت تكلفة إنتاج حلقات البرنامج هذا العام أكثر من 5.5 مليون دولار أمريكي، فإن الممثّل شاروخان الذي كان مقلبه الأكثر إثارةً تلقّى وحده أجراً بلغ 450 ألف دولار، في حين حصل الفنان الجزائري الشاب خالد على 200 ألف دولار، والفنان اللبناني وائل كفوري على 150 ألف جنيه مصري، وتفاوتت الأجور نسبياً بين بقية الضيوف.
صدى الشام