في واقع الانهيار الذي يلف الاقتصاد السوري وشلل القطاعات الإنتاجية والتجارة الخارجية وبيع كل ما يباع، لحلفاء الحرب وشركاء العقيدة، لضمان الاستمرار، ولو ليوم واحد على كرسي الأب الموروث.
بتواضع الكبار، أوجد بشار الأسد الحل، دون حتى أن يصيح “وجدتها” ليخلص الخزينة التي فقدت مواردها، من الإفلاس، ويدعم السوريين زراعياً وصحياً، بعد أن تعدى سعر كيلو اللحم ثلاثة آلاف ليرة، ما يعادل أكثر من 10% من راتب الموظف.. هذا إن تبقى موظفون بعد حملات الطرد والفصل التعسفي بتهمة تأييد الحرية. أجل، فعلها الأسد وأعفى الأبقار، وليس المستوردين، من الضرائب والرسوم الأخرى، وهذا ما تضمنه حرفياً آخر مرسوم جمهوري أصدره القائد الممانع، لشعب تخلّص من كل تبعات الحرب وطرائق القتل والتجويع، وما عاد من مطلب ومؤرق ينغص عليه رغد عيشه، سوى استيراد الأبقار دونما رسوم وضرائب.
ربما من السذاجة مناقشة هذا المرسوم، بيد التناقض والدعابة والتغييب، ربما تقتضي تسليط بعض الضوء على منجز الأسد الأخير، والمكرمة التي منّ خلالها على الشعب السوري، والتي لم تلق من الترويج ما تستحق.
يبلغ سعر البقرة الهولندية بسورية اليوم، وخاصة بعد التضخم الذي أكل الليرة، نحو 600 ألف ليرة كحد أدنى، ما يعني مرتب الموظف لنحو 20 شهراً، هذا إن تجاوزنا ارتفاع أسعار الأعلاف التي أقرته حكومة الأسد وفرضنا جدلا سلامة البقرة من الموت قصفاً ووجود مستوردين يثقون بالأسد بعد عدم تسديد مؤسسة التجارة الخارجية مستحقاتهم ووجود مصدر لسورية.
المتابع لمرسوم رئاسي كهذا، سيحسد السوريين لا محالة، ليس على كرم قائدهم المفدّى فحسب، بل وللنعم التي يعيشونها ويقر وهو بكامل قواه العقلية، أن سورية بخير. نهاية القول: أخذنا مرسوم الأسد الأخير، لجهة توقيته على الأقل، إلى يوم راقب سيادته صنابير المياه وهي تتدفق ودشّن معمل تعبئة مياه عين الفيجة بدمشق منتصف عام 2007، وكان باليوم ذاته، ويذكر السوريين ذلك الحدث جيداً، إعلان إسرائيل عن تطوير منظومة صاروخية وإطلاق إيران قمراً صناعياً محلياً.
واليوم، وفي واقع تبديد الأسد للنفط والاحتياطي النقدي الأجنبي وقتل الزراعة والتجارة الخارجية، وتهديم السياحة والصناعة وزيادة خسائر حربه عن 200 مليار دولار، يأتي بالحل وبالتوقيت العبقري ويعفي البقر من ضرائب الاستيراد.
العربي الجديد