أكّد الرئيس السابق للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الدكتور هادي البحرة، أن توحّد صفوف المعارضة السورية الذي تم أخيراً في مؤتمر الرياض، يضع المجتمع الدولي عموماً وروسيا خصوصاً على المحك لإثبات جديتهما في إيجاد حل جذري للأزمة، مضيفاً أن «تزايد حدة التصريحات الروسية وتشكيكها في المؤتمر، يضعان علامات استفهام حول نياتها بالدفع نحو حل سياسي».
وقال البحرة في تصريح لـ «الحياة»، إن «روسيا تسعى من خلال تصريحاتها إلى كسب المزيد من الوقت لإدخال أطراف داخل صفوف المعارضة تُعد أقرب في مواقفها إلى النظام منها إلى المعارضة»، معتبراً أن «الهدف من ذلك إعاقة جهود التسوية السياسية». وأردف أنه «على رغم أن مؤتمر الرياض يُعد الأوسع تمثيلاً لجميع أطياف المعارضة، سواء الداخلية أم الخارجية، مع وجود المعارضة المسلحة بجانب السياسية، إلا أن نيات روسيا بدت واضحة من خلال التشكيك في مستوى التمثيل، وادعائها أن المؤتمر لا يمثل جميع أطياف المعارضة».
وبيّن البحرة أن الهيئة العامة للمفاوضات تعكف حالياً على تسمية الوفد المفاوض الذي سيمثلها، ومن المنتظر إعلانه قريباً، كما تسعى إلى تنظيم نفسها لتسلّم المقر الرئيس لها. وأكّد أن المعارضة السورية «قامت بكل الخطوات المطلوبة منها، باتفاقها على بيان مشترك ومحددات مشتركة وتشكيلها هيئة مشتركة للمفاوضات وقيامها بتعيين وفدها الموحد، وتنتظر من المجتمع الدولي -ولا سيما روسيا التي تدعي أن المعارضة مفككة وليس لديها موقف موحد- إثبات الجدية في السعي إلى حل سياسي للأزمة».
الغامدي: الباب مفتوح أمام «النصرة» .. بشروط
في غضون ذلك، أكد رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبدالعزيز بن صقر الغامدي، أن بيان زعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني جاء إثر استبعاد الجبهة من مؤتمر المعارضة السورية الموسع في الرياض، «ولذلك هو يرفض النتائج ويعتبرها مؤامرة». وقال لـ «الحياة»: «اجتماع الرياض جاء بموجب مطلب دولي كنتائج لمؤتمر فيينا… ونتائجه لا بد أن تعود إلى الدول التي طلبت الاجتماع، وهذه الدول ترفض مشاركة جبهة النصرة، بسبب تصنيفها ضمن الجماعات الإرهابية».
وأشار الغامدي إلى محاولات سابقة لتغيير طبيعة «جبهة النصرة» وإلغاء تبعيتها لقيادة «القاعدة» وتحويلها مجموعة وطنية إسلامية سورية، لتمكينها من دخول العملية السياسية، «ولكن هذه الجهود لم تنجح، إذ أصرت النصرة على موقفها، ما أدى إلى استثنائها من العملية السياسية التي تمت في الرياض، وإذا حدث تغير في موقف قيادة النصرة، ربما يتغير الموقف الدولي ويمكنها بعد ذلك المشاركة في العملية السياسية».
وأضاف: «جبهة النصرة تسيطر على جزء من الأراضي والمدن السورية، وفي حال قبولها باتفاق سياسي على تحرير سورية من نظام الأسد وطرده وتحوّل البلاد إلى دولة تعددية بآليات ديموقراطية، يمكن استيعابها ضمن بقية الفصائل المقاتلة. أما في حال رفضها وبقائها على النهج نفسه، فستعامل كما يُعامل داعش».
هيئة أركان حمص
إلى ذلك، أكد مساعد رئيس هيئة الأركان قائد جبهة حمص العقيد ركن فاتح حسون، في تصريح لـ «الحياة»، نجاح مؤتمر الرياض في إظهار الفصائل المعارضة المشاركة بموقف واحد أمام المجتمع الدولي.
وعن المنسحبين من مؤتمر الرياض، قال حسون: «هناك تياران ضمن فصائل المعارضة المنسحبة، الأول يرى ضرورة إخراج النظام سياسياً، وآخر مسلِّم بأن المؤتمر لا يمكن أن يحل الإشكالات على الساحة السورية إلا عسكرياً، وبالتالي اعتبر هذا التيار أن اجتماع الرياض لن يحقق مبادئ الثورة السورية في مكافحة الإرهاب، وهم يقصدون الميليشيات القادمة من الخارج، إضافة إلى أنه سمح بشكل غير مباشر بفترة حكم انتقالية، ولو بشكل مبطن، وهذا يخالف المبادئ الخمسة للوثيقة التي وقع عليها المجلس الإسلامي السوري قبل شهرين، وتم التوقيع عليها أيضاً من جميع الفصائل، بما فيها أحرار الشام، الفصيل المنسحب من المؤتمر». وأكد أن هذا الفصيل «أمام تحد كبير، إما المضي في الحل السياسي، وإما الابتعاد عن هذا الحل واختيار العسكري»، مشيراً إلى أن قادة هذا الفصيل «غير متفقين إلى الآن حول اختيار الطريق». وعلّق على بيان الجولاني في خصوص رفضه مؤتمر الرياض، قائلاً: «البيان ينبع من المنهج الذي يتبعه تنظيم القاعدة الذي لا يؤمن بالوطنية والقومية، بل بتشكيل إمارة أو خلافة إسلامية تتجاوز الحدود… وبشكل عام هذا المنهج لا يمكن أن يوافق على مخرجات مؤتمر يكرس الحل ضمن أراضي قومية وطنية».
بدوره، أوضح رئيس جمعية تنمية الديموقراطية الدكتور ناصر العبدلي في تصريح لـ «الحياة»، أن «جبهة النصرة أحد التنظيمات المشاركة في العمليات العسكرية داخل سورية، وقيادتها تعتقد أن لهم حصة الأسد في ما بعد المفاوضات مع النظام السوري، ولهم الحق في أن يكونوا ضمن الطرف المفاوض فقط، ويمكن السماح لتنظيم أو تنظيمين بالمشاركة. أما بقية التكوينات السياسية فليس لها الحق في حضور أي ترتيبات بشأن المفاوضات. وهذا تعبير صارخ عما سيحدث لسورية في ما لو تركت من دون حل سياسي حقيقي».
الحياة