اليوم تمر الذكرى الأولى لاحتلال ريف حماة الشمالي و الغاب، آخر قلاع الثورة في محافظة حماة، وتهجير ما تبقى من أهله الذين هاموا على وجوههم، فمنهم من افترش جنبات الطرقات ومنهم من افترش ظلال الأشجار ومنهم من قاسم أهله خيامهم.
في مثل هذا اليوم من العام الماضي تمايزت الصفوف وظهرت معادن الرجال , فالمحن محك الرجال فظهرت أصالة هذا الشعب ومروءته حينما تعامل مع المهجرين والنازحين , مع ظهور بعض الطفرات الشاذة التي لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات.
” وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم ” صحيح أننا خسرنا قطعة من قلوبنا لكنها ستعود لنا قريباً بإذن الله, ومن خير ما جرى انكشاف للبعض أمر المخبرين واللصوص والمتسلقين ممن كان يحسب نفسه على الثورة أو على الحياد.
من خيره أيضاً تعميق روابط الأخوة في الثورة وتغلبها على روابط القربى وربما الأخوة في النسب التي قطعها سكين الاصطفاف مع النظام المجرم، فتبرأ الأحرار من ذوي قرباهم ممن ارتضى التشبيح مع قاتل أطفالهم وناهب خيراتهم ومدمِّر قراهم ومدنهم .
تقاربت الخيام وهدمت جدران وقرّبت مسافات كانت تفصل بين أهلها من قبل فكانت الالفة والمودة و نشأت روابط من النسب والمصاهرة وتوالدت أجيال تربطهم روابط العمومة والخؤولة وأصبح أهل هذه القرية أو المدينة إما أعمام أو أخوال لتلك القرية أو المدينة.
وعلى الثغور روابط من نوع آخر أسمى وارقى حيث جمع المرابطين خندق واحد وهدف واحد ومصير واحد، وهو الدفاع عن أهاليهم و شرفهم ودينهم فامتزجت الدماء واختلطت الأشلاء وضمتهم المقابر كما تضم أم البنين أطفالها.
يا أحبتي وأخوتي تذكروا أن أعدائنا كُثُر فمنهم عدو بيّن العداوة ومنهم ضامرها فلا يمكن مجابهتهم إلا بوحدتنا ووعينا و تجنّب الخلاف ونبذ العصبية الجاهلية الحمقاء, ولا ينقذنا إلا الحلم والحكمة واليقظة والاستعداد , فتساموا على خلافاتكم ووحدوا صفوفكم , واحلموا على مقصّركم والتفوا حول حكيمكم واصطفوا مع قويكم الأمين , فإنه لا يكون مع الحلم ندامة ولا مذمة، ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيراً .
نسأل الله النصر المبين و العودة الى ديارنا سالمين غانمين .
المحامي عبد الناصر حوشان