دعا الدبلوماسي الأمريكي السابق دينيس روس والزميل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني إلى استبعاد إيران من جهود محاربة “داعش”، مشدداً على أن هزيمة هذا التنظيم تتطلب تعاون الدول السنية فقط.
وقال “روس”: “الجرائم الإيرانية في سوريا هي من ساهمت في ظهور تنظيم داعش وعلى الرئيس الأمريكي المقبل استبعاد إيران من أي جهد لهزيمة داعش وان يكون مستعداً لمواجهة إيران في المنطقة”.
وأضاف في مقال له نشر على معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: “قد يبدو من الغريب أن يكون للإرهاب وتأمين الأراضي الأمريكية دورٌ محوري في الحملات الرئاسية في الولايات المتحدة بعد مرور خمسة عشر عاماً تقريباً على أحداث 11 سبتمبر”.
واستدرك بالقول: “مع ذلك، فإن مكافحة الإرهاب كانت من أولويات إداراتَي بوش وأوباما حيث إن كلا الرئيسين بذلا الكثير من الجهود لتجريد التنظيمات الإرهابية الخارجية من قدرتها على تنفيذ هجمات إرهابية في الولايات المتحدة؛ وقد تكللت هذه الجهود بالنجاح”.
وأردف: “الاعتداءات التي وقعت في مدينتي سان برناردينو وأورلاندو الأمريكيتين والتي بيّنت الخطر المتمثل بالإرهابيين المحليين وسهولة وصولهم بشكل مريع إلى الأسلحة الأوتوماتيكية جعلت الخيارات أشدّ وضوحاً والأمور المطروحة على المحك أكبر وأضخم”.
وقال “روس”: “هزيمة تنظيم داعش وتشويه صورته هما عنصران أساسيان في أي خطة استراتيجية هادفة للتعامل مع الإرهاب، وعلى الرغم من أن هناك جماعات إرهابية أخرى، إلا أن تنظيم داعش يشكّل خطراً فريداً لثلاثة أسباب على الأقل، أولها أنه يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بأسلوبٍ متقن ومهني ومصمم لاستقطاب الشبان المستبعدين والمهمّشين في المجتمع”.
وأضاف: “السبب الثاني هو أنه يشكل مصدر إلهام للهجمات الفردية وخاصة بفعل دعواته إلى “قتل الكفّار” وما يزعمه عن الاستشهاد البطولي لمن يلبّي هذه الدعوات، أما السبب الثالث فهو أن التنظيم يعلن أن مهمته تتمثل بالحاجة إلى توليد مواجهة كارثية مع الكفار لتحقيق النصر النهائي للإسلام، ويعني ذلك أن تنظيم داعش سينفّذ الهجمات ضد الولايات المتحدة حتى إذا لم تقم هذه الأخيرة بمهاجمته”.
وأردف: “لا بد أن تعمل واشنطن على إضعاف جاذبيته، فهو يدّعي أنّ له مهمة إلهية ولذلك فإن تكبّده خسائر عسكرية سيبرهن على أن ادعاءه باطلاً، وفي حين تعمل الولايات المتحدة حالياً على دحره في كل من العراق وسوريا، فإن صور نجاحاته ستبقى قائمة طالما لم تبطل واشنطن أعظم انتصاراته الرمزية، ألا وهي استحواذه على الموصل في العراق واتخاذه الرقة في سوريا عاصمةً له، من هنا يعدّ فقدان رمزية هذه الإنجازات ضرورياً وبالتالي سيستحيل إخفاؤها”.
وقال “روس”: “بالنسبة لدور وسائل التواصل الاجتماعي فإنه وعلى سبيل المثال يتم الترويج للادعاء القائل إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية هم مبعوثون إلهيون، ومع تقييد مواردهم والأراضي الخاضعة لهم، تتزايد أعداد المقاتلين الذين يستسلمون للتنظيم أو ينشقون عنه”.
وأضاف: “لماذا لا تعرض واشنطن هؤلاء المستسلمين على وسائل التواصل الاجتماعي؟ فأيّ مبعوث إلهي يستسلم؟ وعلى النحو نفسه، إنه لمن المهم أن تضع الولايات المتحدة هؤلاء المنشقين على منصات التواصل الاجتماعي فتدعهم يروون أخبار الوحشية والظلم واستغلال النساء والفساد والطبيعة الفاسدة والتعسفية للحكم في الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم”.
وأردف: “ينبغي تشويه صورة تنظيم داعش . صحيحٌ أن باستطاعة واشنطن تكذيب مزاعمه عبر إلحاق الهزائم العسكرية به وفضح أعماله الفعلية، إلا أن الولايات المتحدة وشركاءها في التحالف من غير المسلمين لا يتمكنون من تشويه صورة هذا التنظيم”.
وتابع: “إن المسلمين السُنّة هم الوحيدون الذين يستطيعون أن يفعلوا ذلك. فتنظيم داعش يدّعي أنه يحمي المسلمين السُنّة من الكفّار والرافضة أي المسلمين الشيعة، وهذا الأمر وحده يبيّن لنا أنه لا يمكن لإيران أن تشارك في تشويه صورة داعش، وعلى العكس من ذلك، فإن الدور الذي لعبته في القتل الجماعي للسنّة في سوريا ساهم في بروز تنظيم داعش”.
وقال “روس”: “واشنطن بحاجة إلى أن يقوم السُنّة من رجال دينٍ وعشائر وحكومات بتشويه صورة تنظيم داعش والإحلال محله على الأرض، فحتى لو نجحت الولايات المتحدة في إخراج تنظيم داعش من الموصل والرقة بالأساليب العسكرية وإزالة مخلفات سيطرته على الأراضي، لا بد للحكم السني أن يحل محل هذا التنظيم”.
وأضاف: “إذا لم يحدث ذلك، وإذا أقدمت الميليشيات الشيعية على حملات قتلٍ انتقامية في أعقاب التحرير، وإذا تم استبعاد السنّة وقمعهم على الساحتين السياسية والاقتصادية كما كان عليه الحال عند هزيمة تنظيم القاعدة في العراق عام 2008، لن يطول الزمن قبل أن تشهد واشنطن نشوء نسخة جديدة من تنظيم داعش”.
وأردف: “المشكلة التي تواجهها الولايات المتحدة في حمل السُنّة على الاضطلاع بهذا الدور تكمن في أن أولويتها في سوريا والعراق هي تنظيم داعش في حين تشغل إيران والميليشيات الشيعية كما يشغل الرئيس السوري بشار الأسد بال السُنّة”.
وتابع: “السُنّة يرون في إيران طيراً كاسراً يستخدم الميليشيات الشيعية للهيمنة على المنطقة ويخشون أن تكون الولايات المتحدة مستعدة للقبول بهذه الهيمنة”.
وقال “روس”: “ريثما تبرهن واشنطن أنها تأخذ التهديد الإيراني على محمل الجد وأنها ستعمل مع شركائها السنّة لتحميل إيران ثمن أعمالها المزعزعة للاستقرار، فمن المستعبد أن يلعب السنّة الدور الذي يستطيعون وحدهم لعبه ضد تنظيم داعش”.
وأضاف: “ينبغي على الرئيس الأمريكي المقبل أن يفهم هذا الواقع المعقد ويستفيد من استعداد الولايات المتحدة لمواجهة إيران في المنطقة من أجل كسب النفوذ والقدرة على التأثير على السنة لحثّهم على جعل تنظيم الدولة الإسلامية أولى أولوياتهم وأولويات الولايات المتحدة على حدٍّ سواء”.
مركز الشرق العربي