آلم وتعتير وقسوة هي أهم مايمكن ان نصف به حياة الناس في الداخل السوري، ورغم ما يعانون من كدر المعيشة وصعوباتها، هناك في واقعهم الرث ما يزيد من شدة ما يعانون، لا بل هناك من يسهم في إثقال كاهلهم بما لا يطيقون.
أسعار المحروقات، أو لنقل تعتبر الأكثر إرهاق لكاهل المدنيين الصابرين، أسعار مصادر الطاقة، هي موضوع من مواضيع شتى تزيد من تعاسة هذا البسيط المعدم الذي لا ناقة له ولا جمل في الشؤون العظام، فبات يشترك مع العامة في عموم البلوى، تاركاً صفوة العيش لمن جيروا مقدرات الثورة وتضحيات شبابها لصالحهم وصالح مشاريعهم التي لا تمت لأهداف الثوار الأوائل الذين خرجوا يطلبون الحرية والكرامة بأي صلة.
غلاء المحروقات يترك أثر كبير على حياة الناس وطبيعة معيشتهم مصادر الطاقة، فهي تعني عصب الحياة، المحروقات التي ستمنحنا الطاقة الميكانيكية لتدوير عجلة الحياة بكل تفاصيلها من وسال نقل إلى مولدات كهرباء إلى آلات معامل، إلى مضخات مياه، ناهيك عن الطاقة الحرارية التي لا بد للحياة منها وأبسط استخداماتها طهي الطعام و تدفئة الجسد وغسل الثياب.
فكيف بك وأنت أمام من يحتكر عصب الحياة هذا بأن يفرض عليه إتاوة، فإذا بك تجده يفرض إتاوته على كل تفاصيل الناس حتى لقمة خبزهم التي يحتاج إنضاجها مصدر طاقة، وارتفاع مصدر الطاقة ذاك يعني ارتفاع لقمة الخبز كما سواها من كل تفاصيل الحياة.
فمن ابرز اسباب ارتفاع اسعار الوقود هي الضرائب التي تفرضها الفصائل المسيطرة، على المعابر لهذه الوقود، بالإضافة لجشع التجار والذين على الغالب لا تطالهم يد المحاكم، بسبب العلاقات القوية التي تربطهم مع قادة الفصائل والذين يقدمون للتجار الحماية مقابل نسبة من الارباح في كثير من الأحيان، طبعا بالإضافة للأسباب التي أصبح القاصي والداني يعرفوها من انعدام الأمن، وخطر القصف الذي تتعرض له القوافل المحملة بالوقود، بالإضافة للأتاوات التي تفرضها حواجز النظام على المواد الخارجة باتجاه المناطق المحررة.
التقينا شريحة ممن يعانون من جحيم أسعار المحروقات ويكتوون ليس بنارها بل بنار أسعارها، خالد موسى يحدد لنا سبب ارتفاع الأسعار بقوله: “السبب كثرة الحواجز وما تفرضه من إتاوات على المواد ان كان حواجز النظام او حواجز الفصائل “.
بدوره ذكر لنا محمد مفتاح أن حواجز النظام والمعارضة يفرضان الضرائب على المواد فيرتفع ثمنها، وعندما سألناه عن البدائل ذكر الحطب الذي عابه بما يسببه من أمراض وندرة توفره رغم عيبه .
أما فواز عجاج فبنظره سعر المازوت مقبول لكن سعر أسطوانات الغاز مرتفع، عازياً سبب ارتفاعها للسبب الذي ذكره من سبقه، وحمل المسؤولية لقادات الثورة واقترح تقليل عدد الحواجز لتخفيض السعر، وهو أمر إن طبق في مناطق المعارضة فكيف له أن يطبق في مناطق النظام؟
وأشار عبد الله بدوره إلى أن الناس يعيشون بضيم نتيجة غلاء المحروقات، وأرجع السبب إلى احتكار التجار والضرائب، والقى اللوم على الفصائل المسيطرة في ادلب لعدم قدرتها على تشكيل مؤسسات رقابية على الأسعار ومتابعة الموضوع من مصدره والتخفيف عن الناس ووضع ضوابط للتجار.
وأما بائع الخضار فعزا من جانبه ارتفاع أسعار الخضار والفواكه إلى ارتفاع أسعار المازوت الذي يزيد تكلفة الزراعة، مما يؤدي إلى ارتفاع سعر الخضار والفواكه، وهو ما أدى إلى عزوف العامة عن شراء الفواكه واقتصار شرائها على بعض القادات على حد تعبيره.
آراء عديدة تقاطعت في تحديد سبب الغلاء وتوصيف سبب المشكلة، ويبقى المواطن البسيط هو الواقع بين سندان الاحتكار ومطرقة الإتاوات، دون أن يبدو أن هناك بارقة أمل لحل يخفف المعاناة.