دمشق – رفضت السلطات السورية مقترح ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، بتشكيل إدارة ذاتية في شرق حلب، لإنهاء القتال الدامي في المنطقة التي تشهد أعنف المعارك في سوريا منذ بدء الحرب قبل أكثر من خمس سنوات.
وقال وليد المعلم، وزير الخارجية السوري، الأحد، في مؤتمر صحافي بثه التلفزيون الرسمي بعد محادثات عقدها مع دي ميستورا في دمشق “فكرة الإدارة الذاتية التي طرحها دي ميستورا مرفوضة لدينا، لأنها نيل من سيادتنا الوطنية ومكافأة للإرهاب”.
وأضاف المعلم أنه من السابق لأوانه الحكم على السياسة التي سيتبعها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بشأن الحرب الأهلية في سوريا، وعبّر عن أمل دمشق في أن يضع ترامب نهاية لدعم الجماعات المسلحة ويكبح القوى الإقليمية التي تساندها.
وتشير تصريحات المعلم إلى تعويل دمشق على مواقف الرئيس الأميركي القادم دونالد ترامب، الذي شكك مرارا بجدوى دعم المعارضة السورية، وأعلن في تصريحات صحافية قبل أسبوع أن أولوياته تنصب على محاربة تنظيم داعش، وألمح إلى عدم رغبته بالصدام مع موسكو في حال أصرت واشنطن على دعم المعارضة عسكريا لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد.
وكان دي ميستورا اقترح في مقابلة أجراها في بداية الأسبوع الماضي مع صحيفة الغارديان البريطانية بأن تعترف الحكومة السورية بالإدارة التي يقوم بها مقاتلو المعارضة في الأحياء الشرقية لمدينة حلب الخاضعة لسيطرتهم منذ صيف 2012.
وفي المقابل، سيغادر المقاتلون التابعون لتنظيم “جبهة الشام” (جبهة النصرة سابقا) المنطقة التي يقطنها نحو 250 ألف مدني في ظل حصار خانق منذ أربعة أشهر وتتعرض لقصف مكثف.
ورد المعلم على هذا المقترح بالقول “قلنا له، نحن متفقون على خروج الإرهابيين من شرق حلب لكن لا يعقل أن يبقى 275 ألف نسمة من مواطنينا رهائن لخمسة آلاف، ستة آلاف، سبعة آلاف مسلح”.
وأعربت الأمم المتحدة السبت عن “شديد الحزن والصدمة من التصعيد الأخير في الأعمال القتالية التي تجري في مناطق عديدة من سوريا”، داعية “جميع الأطراف إلى وقف كامل للهجمات العشوائية على المدنيين والبنى التحتية المدنية”.
وتتعلق هذه المطالب خصوصا بالأحياء الشرقية لمدينة حلب ثاني كبرى مدن البلاد، حيث يكثف النظام السوري قصفه على تلك المناطق المحاصرة التي يعيش فيها أكثر من 250 ألف شخص.
كما أعرب وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت، الأحد، عن إدانة بلاده للضربات التي تشنها قوات النظام السوري المدعوم من موسكو ضد مدينة حلب، محذرا من أن “الحرب الشاملة” في سوريا قد تؤدي إلى “تقسيم” البلاد.
وقال إيرولت إن هذه الاستراتيجية من قبل النظام وحلفائه هي “خطأ استراتيجي”، داعيا “المجتمع الدولي إلى التحرك لوقف المجزرة”. وأكد أن بلاده ستقوم بالاتصالات اللازمة “للمساهمة في مبادرة تتيح وقف” النزاع واستئناف مفاوضات السلام، وذلك في تصريحات على هامش زيارة إلى قطر.
وبدأت روسيا التي تعد أبرز داعمي النظام، شن ضربات جوية بدءا من العام الماضي، إلا أن موسكو علقت خلال الفترة الماضية ضرباتها الجوية على حلب، واستأنفت الثلاثاء غاراتها على محافظة ادلب (شمال غرب) التي يسيطر عليها تحالف من جهاديين وفصائل من المعارضة المسلحة.
وتؤكد موسكو عدم ضلوعها في الهجوم المتجدد للنظام على حلب، وبعد توقف لمدة شهر تبدو حملة القصف المتجددة كمؤشر على تصميم النظام السوري على استعادة الأحياء الشرقية الخارجة عن سيطرته منذ 2012.
ويرى محللون أن دمشق وحلفاءها يريدون كسب الوقت للتقدم ميدانيا قبل تسلم ترامب منصبه في 20 يناير القادم.
وارتفع عدد القتلى منذ الثلاثاء إلى 103 بينهم 17 طفلا، مع بدء القصف المكثف بالصواريخ والقنابل والبراميل المتفجرة على هذه المنطقة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
كذلك قتل سبعة أطفال على الأقل، الأحد، بقذائف أطلقها مسلحو المعارضة على الأحياء الغربية التي تسيطر عليها القوات الحكومية السورية من مدينة حلب شمالا، حسب ما أعلنه الإعلام الرسمي السوري.
ومن جهته قال بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني على تويتر، إن التقارير الواردة عن ضربات جوية على مدنيين ومستشفيات في شرق حلب “مثيرة للاشمئزاز” ودعا إلى العودة إلى الدبلوماسية.
وقالت مديرية صحة حلب ومنظمة الصحة العالمية في وقت متأخر من ليلة السبت، إن كل المستشفيات في شرق حلب المحاصر الخاضع لسيطرة مقاتلي المعارضة السورية أصبحت خارج الخدمة.
ونددت مستشارة الامن القومي الأميركي سوزان رايس من ليما “بشدة بالهجمات الرهيبة ضد منشآت طبية وعمال مساعدات إنسانية” في حلب الشرقية.
وأضافت “لا عذر لهذه الأفعال الشائنة إن النظام السوري وحلفاؤه، بالأخص روسيا، مسؤولون عن العواقب الفورية وعلى الأمد الطويل لهذه الأفعال”.
وجاء في بيان أرسله مسؤول من المعارضة إلى وكالة رويترزهذا التدمير المتعمد للبنى التحتية الأساسية للحياة جعل الشعب الصامد والمحاصر بكل أطفاله وشيوخه ورجاله ونسائه دون أي مرفق صحي يقدم لهم العلاج وفرص إنقاذ أرواحهم ويتركهم للموت”.
وتحدثت وسائل الإعلام، صباح الأحد، عن شوارع مقفرة في الأحياء الشرقية للمدينة، باستثناء سيارات إسعاف ومسعفين منهمكين وسط شوارع ومبان مدمرة.
وأعلنت مدارس شرق حلب في بيان تعليق الدروس، السبت والأحد، “للحفاظ على سلامة التلاميذ والمدرسين بعد الضربات الجوية الهمجية”.
العرب